دروس من الفرافرة

ت + ت - الحجم الطبيعي

بينما يتابع ملايين المصريين، بمزيد من الغضب والسخط والاستنكار، الحرب الوحشية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، فوجئوا بالهجوم الإرهابي الذي تعرض له كمين من رجال حرس الحدود المصريين في واحة الفرافرة، غير بعيد عن الحدود المصرية - الليبية التي تمتد أكثر من 1200 كيلومتر، وهو الهجوم الذي راح ضحيته 31 ضابطاً وجندياً مصرياً.

هذا الهجوم الإرهابي لا ينبغي أن تتراجع أصداؤه إلا بعد أن تكون الجهات المعنية قد قامت برصد الدروس المستفادة منه وتوظيفها، للحيلولة دون تكراره، ومنع العناصر الإرهابية التي أقدمت على ارتكابه من مواصلة مسلسل جرائمها.

أول ما ينبغي رصده في هذا الصدد هو أن الجهات المصرية المعنية، سواء أكانت في حرس الحدود أو في وزارة الداخلية، لاتزال تدور في فلك رد الفعل، وليس المبادرة، في تعاملها مع العناصر الإرهابية التي تعددت جرائمها، واتسع نطاقها بشكل ملحوظ، الأمر الذي يفرض ضرورة إعطاء أولوية للتوصل إلى استراتيجية شاملة للتصدي للظاهرة الإرهابية، أياً كانت تجلياتها في مصر.

والجميع يدرك أن الحدود المصرية - الليبية، بامتدادها الهائل، تشكل مصدراً كبيراً للخطر الإرهابي، وهذا على وجه الدقة يفرض ضرورة عدم الاكتفاء بالاعتماد على الأساليب التقليدية المتبعة في الظروف العادية، وضرورة توظيف التقنية الحديثة، التي تعتمدها دول عديدة في مراقبة المناطق الحدودية، وفي مقدمتها المناطيد المزودة بالكاميرات الدقيقة والطائرات الموجهة عن بعد.

ومن المهم أن نلاحظ أن هذا الموقع نفسه سبق أن تعرض لهجوم بالأسلوب عينه، قبل أقل من شهرين، الأمر الذي يحتم رصد الأساليب التي تتبعها القوى الإرهابية، للتصدي لها بقدر أكبر من الكفادة والفعالية والقدرة على الحسم.

ولعل الدرس الأكثر أهمية المستفاد من هجوم الفرافرة الإرهابي يتعلق بضرورة التصدي للإرهاب في منابعه، وليس انتظار تجلياته الوحشية والتصدي لها، بعد أن تصبح واقعاً يعرقل مسيرة العمل الوطني العام وجهود التنمية. وهذا يفرض جهوداً مضاعفة في رصد الظاهرة الإرهابية والتصدي لمن يقفون وراءها، وحسمها قبل أن تتحول إلى وباء يقتضي في معالجته سنوات طويلة، كما حدث في التجربة المصرية في التسعينيات، وفي التجربة الجزائرية أيضاً.

Email