في ذكرى الثورة

ت + ت - الحجم الطبيعي

مع احتفال الملايين من أبناء مصر وأشقائهم في العالم العربي، بالذكرى الأولى لثورة الثلاثين من يونيو، يبرز اتجاهان جديران بالتوقف عندهما طويلاً، نظراً لقوة دلالات كل منهما، ولأنهما في ما يبدو سيظلان معنا لوقت قد يمتد أكثر مما قدر الكثيرون.

الاتجاه الأول، تجمع الغالبية الكاسحة من المصريين على تأكيده، وهو أن ثورة الثلاثين من يونيو جاءت لتفسح المجال أمام مسيرة هادرة من عمل الملايين من المصريين، لإعادة صياغة ملامح الحياة على أرض مصر، بما ينعكس إيجاباً وخيراً على أبنائها. هذا الاتجاه عبر عنه، ببساطة وتلقائية، رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب، في مقابلة أجريت معه أول من أمس، عندما طلب منه التعقيب على تخرصات جماعة الإخوان المسلمين على مسيرة العمل العام في مصر، فبادر إلى القول، إن علينا أن نلقي هذه المزاعم وراء ظهورنا، وأن نشغل أنفسنا بالعمل من أجل مستقبل مصر، من دون أن نهدر ثانية واحدة في أي شيء آخر.

وهذا الاتجاه هو أيضاً ما يشغل النخبة في مصر، التي تكرس كل قدراتها ومشروعاتها للانطلاق قدماً بمختلف جوانب العمل على أرض مصر. ورجل الشارع في مصر، ما كان يمكن إلا أن يتبنى هذا الاتجاه بدوره، فالجميع يحسب أن قدراً كبيراً من الوقت قد أهدر، وكان ينبغي أن يكرس في حل مشكلات مصر، التي تراكمت على نحو خطير على امتداد العقود الثلاثة الماضية، وأنه لا معنى لإهدار الوقت أو الطاقة من دون المبادرة إلى إزاحة هذا الركام الهائل من المشكلات.

الاتجاه الثاني يبدو لنا بالغ الوضوح أيضاً، فالجماعة الإرهابية بادرت للدعوة إلى حشد مضاد لمسيرة الشعب المصري، في الثالث من يوليو. والأمر لم يقف عند هذا الحد، وإنما بادرت الجماعة الإرهابية إلى الحديث بلغتها التي تتقنها في الشارع المصري، لغة العنف والدم، ومن هنا، جاء الانفجار القريب من قصر الاتحادية أمس، وسبقه حصد أرواح ثمانية من المصريين الأبرياء بهجمات في سيناء، وتفجير في القاهرة، وتعددت الجرائم المنتمية إلى هذا النوع أخيراً.

الشعب المصري كله يرفض أن يكون على أرضه اتجاهان على هذا النحو، ويصر على أن يكون هناك اتجاه واحد، هو الاتجاه إلى العمل، وإلى الإنجاز، وإلى إعادة البناء. وهو قادر على أن يحقق ما يحرص عليه، كما برهنت تجربته التاريخية الممتدة عبر ألوف السنين.

Email