هلك سعد وسعيد

ت + ت - الحجم الطبيعي

قبل نحو عام، كانت الإدارة الأميركية مشغولة بإعلان "جبهة النصرة" المقاتلة ضد النظام في سوريا كمنظمة إرهابية، بينما إلى جوار هذه الجبهة كانت تتشكل ما ستصبح الجبهة الأخطر، التي ستترك الإدارة الأميركية في فوضى "إعلامياً"، والله أعلم بما خفي.

حديثاً ظهر بيان مصور بالفيديو نشر على الإنترنت، يعلن انفصال أكثر من 30 فصيلاً من المعارضة السورية عن الائتلاف الوطني، وجناحه العسكري "المجلس العسكري الأعلى" بقيادة سليم إدريس، الذي ثارت شائعات حول اعتزاله القتال.

هذا ينضاف إلى وطأة الوهن التي تضرب تباعاً "الجيش السوري الحر" ومجلسه العسكري الأعلى، لمصلحة القوى الإسلامية، وفي مقدمها "الجبهة الإسلامية السورية"، التي أثارت قلق واشنطن، ودفعتها لمطالبتها بإعادة أسلحة و"معدات" صادرتها من الجيش الحر في باب الهوى، بعدما أجبرت مجموعاته على الانضمام إليها.

منتصف ديسمبر من العام الماضي، شهد إعلان انطلاقة هذه الجبهة، التي تنشط أساساً في شمالي وشرقي سوريا، مستفيدة من تدفق الدعم والأسلحة من البوابة التركية، ليصل عدد الألوية المنضوية تحت عباءتها إلى 11. البيان الأول للجبهة أظهر صبغتها السلفية الطائفية، إذ لم يكتف البيان بالتركيز على العدو المتمثل في "عصابات بشار الأسد وعصابات إيران وحزب الله والعراق"، لكن ورغم الدبلوماسية الخطابية المطالبة بالوحدة السورية، فإن الجبهة تطالب بأن يكون المذهب السني هو دين الدولة، والمصدر الوحيد للتشريع في مرحلة ما بعد الأسد.

وتقوم وجهة نظرها بشأن حقوق الأقليات على تفسيرها للشريعة، الأمر الذي يوحي بأن السكان من غير السنة سيكونون ربما مواطنين من الدرجة الثانية. ورغم تأكيد هذا الميثاق على العدل والإنصاف عند التعامل مع غير المسلمين، إلا أنه يرفض أي أنشطة بين الأفراد من ديانات مختلفة.

وإذا ما أخذنا في الاعتبار الانتقادات التي وجهت للجبهة من عتاة القوى السلفية، على أساس أنها لا تطرح برنامجها إلى خارج الأرض السورية، وتعتمد النهج الدعوي المتدرج، فإن الخطاب الطائفي المتشدد لهذه الجبهة يشير إلى وظيفة محددة، وربما مؤقتة، تأسست عليها. هذا يخالف ما ذهب إليه المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الأميركية "سي آي إيه" مايكل هايدن الشهر الماضي، الذي أبدى تأييده لبقاء نظام بشار الأسد على تفتت سوريا بين فصائل متطرفة متصارعة، محذراً من نهاية "سايكس ـ بيكو"، وتصدير التفتت إلى الدول المجاورة.

الإدارة الأميركية ضمنت تلاشي السلاح الكيماوي السوري في عرض البحر، وما تبقى هو ذيول أزمة، ولا ضير في ترتيب الوضع ما بعد بشار، على أساس نهوض قوى طائفية، تتفرغ لحزب الله أساساً ومعه ميلشيات طائفية أخرى، تكون المحصلة كعادتها دفع سعد وسعيد معاً إلى الهلاك عبر موقعة مؤقتة، يصار بعدها إلى إعادة ترتيب الوضع الداخلي السوري، بعدما يضيق الشارع ذرعاً بالقوى الإسلامية وتشددها.. وهكذا دواليك.

Email