حصار اليرموك الخانق

ت + ت - الحجم الطبيعي

يوماً بعد يوم تزداد معاناة الشعب الفلسطيني في مخيمات سوريا وبالأخص مخيم اليرموك الذي يعاني منذ أكثر من تسعة أشهر وحتى يومنا هذا كل أشكال القتل والتدمير والحصار ما أدى إلى سقوط أعداد كبيرة من المدنيين بين شهداء وجرحى ومعتقلين، المخيم ذلك المجهول الذي تحول في فترة وجيزة إلى صورة وطن ومنفى، ومسرح لأحلامه المسروقة ضمن بقعة أرض صغيرة لا تتجاوز الكيلومترات.

لمخيم اليرموك في الذاكرة الفلسطينية دلالات تحمل الكثير من الألم والتشرد والنزوح. المخيم حلقة مهمة ومتواصلة في حياة الفلسطيني، حيث يمثل بداية اللجوء والنكبة والاغتراب عن الوطن، ويعتبر أول تجربة يخوضها خارج وطنه الأم. مخيم اليرموك العاتب الغاضب المتألم الحالم الشهيد الأسير والمخطوف.هو فلسطين المصغرة، شوارعه وحاراته لم تنس اجزم ولا الطيرة ولا الشجرة ولا لوبية .

ولا بلد الشيخ ولا حيفا وعكا ويافا وعين غزال والجاعونة وصفد وصفورية والناصرة كلها. وطبريا ومحيطها ولا كل قرية وخربة. لم تنس القدس وبيت لحم والخليل والجليل والنقب.

لا تزال اللكنة في داخل أسوار المخيم تذكرك بقرى البلاد السارحة في خيالات الأطفال وهم يتخطون طفولتهم في فضول التحلق حول الجدة والكبار يستمعون لروايات البلاد...

وفي ظل الحصار الخانق المفروض على المخيم من مدة تزيد على الثلاثة أشهر، بدأت الكارثة الإنسانية بالظهور بشكل جلي وواضح وتزداد معها المعاناة يوماً بعد يوم، حيث انعكس ذلك على الحالة الصحية للسكان، فقد ظهرت الكثير من حالات التسمم وفقر دم والإغماء والاضطرابات المعوية وحالات الهذيان ونوبات الصرع خاصة عند الأطفال.

ويرافق هذا كله نقص حاد بالمواد الطبية. بالإضافة إلى ذلك انعدام المواد الأساسية في المخيم مثل: سكر وطحين وزيت وحليب أطفال وغيرها من المواد الضرورية لحياة الإنسان اليومية.

يذكر أن المخيم يعيش فيه حتى اللحظة حوالي 40 ألف مواطن.

في بداية القرن الواحد والعشرين لا يزال هناك الكثير من وسائل القتل التي ابتدعتها البشرية، ولكن العار الأكبر يكمن بأن يكون الجوع هو وسيلة القتل التي يستخدمها البعض، وسط صمت رهيب من بقية البشر. خطيب الجمعة على منبر جامع فلسطين في المخيم المحاصر أفتى بجواز أكل لحم القطط والحمير والكلاب، بعد تفشي الجوع بين أطفاله. وتنصُ الفتوى على جواز أكلِ لحم القطط والحمير والكلاب للمحاصرين في المخيم بعد أن بلغوا مرحلة الاضطرار المفضي إلى الهلاك.

أهالي اليرموك يناشدون المؤسسات الإنسانية والمنظمات الدولية في مقدمتها الهلال الأحمر واليونيسف والأونروا ومنظمة التحرير الفلسطينية وكذلك الفصائل الفلسطينية والشخصيات المهمة ذات النفوذ بالعمل بشكل سريع وإيجاد الحل المناسب لتفادي انتشار الكارثة، وفقدان الكثير من الأرواح البشرية داخل المخيم.

Email