سرطان العمالة الوافدة في الخليج

ت + ت - الحجم الطبيعي

ليس بجديد أن تطرح عدد من دول الخليج قضية العمالة الوافدة التي تكتظ بها هذه الدول جميعها من دون تخصيص؛ لتطفو على سطح المشهد السياسي والاقتصادي مرة أخرى.

فبعد مرحلة تنمية كبيرة شهدتها وتتزايد وتيرتها حتى اليوم في ظل الدخل النفطي لدول الخليج، وغياب عمالة محلية تقوم بأعمال ما تقوم به العمالة الوافدة، بعد غياب الاستراتيجيات التي تقنن وجود تلك العمالة حسب احتياجات كل دولة منها، باتت تلك الأيدي العاملة تشكل هاجساً أمنياً واجتماعياً بل وأيضاً سياسياً في ظل المتغيرات الجديدة التي تشهدها الدول العربية والخليجية في الوقت الراهن.

فقد أعلنت الكويت قبل أيام حسب وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ذكرى الرشيد، أنها تعتزم تخفيض أعداد العمالة الوافدة إلى حوالي مليون شخص خلال عشرة أعوام بمعدل مئة ألف سنويا. ويشكل الأجانب ما نسبته 68 في المئة، وفي الكويت يوجد 55 في المئة من العمالة آسيويين و40 في المئة من الجاليات العربية، وهم إجمالًا يشكلون مليوناً وثمانمئة ألف شخص.

وهذه الأخطاء التي وقعت وتقع فيها دول الخليج نتيجة غياب التخطيط البعيد المدى وكذلك ضعف برامج التعليم والتدريب المهني من أجل خلق كوادر مؤهلة قادرة على القيام بأعمال تقوم بها حالياً العمالة الوافدة.

بينما كشف السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان في جولته في ولايات عمان أخيراً أن حكومته تدرس خفض نسبة العمالة الوافدة لتصل إلى ما بين 30 - 33 في المئة. ورغم أن عمان تعتبر أقل دولة في الخليج لديها عمالة وافدة لكن أيضاً تعاني من هذه القضية بعد أن أوضحت إحصاءات أن هذه العمالة تخرج حوالي 3 مليارات دولار سنوياً من السوق العماني، كما تزاحم الأيدي العاملة العمانية.

يمكن العمل على تقليل الأيدي العاملة الوافدة، عبر برامج تدريبية ومناهج تدريس جديدة تتواكب وظروف المرحلة التي تمر بها دول المنطقة، مما يستلزم وضع حزم من البرامج التدريبية، وتوجيه الشباب من الخريجين سواء الشهادة العامة أو غيرها لدراسة تخصصات تلبي حاجة السوق المحلية.

 فمثلًا ماذا لو نشجع الطالب الذي سيدرس هندسة كهرباء في كلية أربع أو ثلاث سنوات بأنك ستنال درجة مهندس كهربائي، وان نشجع الشباب للعمل كفني كهربائي ولكن تحت مسمى مهندس في ظل تحسس الشباب من هكذا مسميات وظيفية، أو هندسة تخطيط طرق أو مهندس نجارة وحدادة.

وان تقوم الحكومة بدعم هؤلاء الشباب لتكوين مجموعات لفتح محلات متخصصة أو العمل في جهات تحتاج هذه النوعية من التخصصات، رغم أنها مهن تدر دخلًا كبيراً اليوم.

مشكلة العمالة الوافدة تؤرق دول الخليج وتشكل خللاً في التركيبة السكانية، وهو ما يتطلب وضع سياسات خليجية مشتركة ومزيداً من الاستراتيجيات والخطط الممنهجة التي تحقق نجاحاً، وليس الاقتصار على تداولها بين فينة وأخرى من دون تحريك ساكن، بل في أحيان نراها - أعداد العمالة - تتزايد يوماً بعد يوم، في ظل غياب سياسة حازمة من الحكومات الخليجية كافة.

 

Email