جرائم العراق وغياب الحكماء

ت + ت - الحجم الطبيعي

عقد من الزمن مضى على احتلال العراق من قبل القوات الأميركية التي دمرت تاريخ بلاد الرافدين بعد حالة سياسية قادتها أميركا وحلفاؤها ضد هذا البلد العربي بداعي الأسلحة الكيميائية التي اتضح بعد ذلك أنها سياسة غاشمة من دون أي محاسبة لقوى عظمى تقتل أبرياء وتدمر وطناً.

خسائر كبيرة تكبدها العراق وشعبه ويحتاج إلى عقود من الزمن حتى يعود إلى موقعه من جديد ليس بين الدول بل من حيث التنمية والاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني الذي فقد كلياً.

المحتل حسب التقارير الواردة وصلت خسائره إلى تريليون دولار وخسائر بشرية وصلت نحو 4500 فرد من قواته. وهي خسائر كلفت الاقتصاد الأميركي الذي يترنح اليوم بسبب ما اقترف من جرم ضد الإنسانية.

إذا كنا نلوم الجانب المحتل فيما جرى في العراق بعد عشر سنوات من الاحتلال، فإننا أيضاً نضع علامات استفهام كبيرة على أبناء العراق الذين فرقهم المحتل، واليوم تفرقهم وتدمرهم الطائفية التي باتت تدمر الأخضر واليابس في بلاد الرافدين. إنها سرطان يستشري بين أبناء العراق بعد رحيل صدام حسين، حيث فقد هذا البلد أمنه واستقراره وقوته الاقتصادية وحالته الأمنية.

كان كثيرون يتصورون أن رحيل صدام نعمة يحقق بها العراقيون مرحلة جديدة من البناء والتنمية بعد أن عانوا، حسب رأيهم، الاضطهاد والقتل في زمن صدام. لكنهم اليوم وبكل تأكيد نادمون على حال بلدهم بعد رحيل صدام، وكان أولهم ذلك المواطن العراقي الذي خرج لنا بطلاً وهو يدمر تمثال صدام في باحة بغداد بعيد دخول القوات الأميركية، لكنه اليوم يعبر عن ندمه وانه لو عاد به الزمن لما كان فعل ذلك بأي حال من الأحوال.

 لكن بعد ماذا، لقد خرب العراق ودمر، لتأتي اليوم حرب طائفية تدمر كل ما من شأنه أن يحقق استقراراً في هذا الوطن العزيز. حرب تطحن الأرض وتقتل الإنسان، وقد يقول قائل إن زمن الوجود الأميركي أهون من الأيام التي رحلت منها.

حتى يومنا هذا العراق يزداد سخونة ويبدو في الآفاق أنه يحتاج لقيادة شبيهة بتلك أيام صدام حسين حتى يستقر ويعيش الإنسان في خير وأمن وأمان الذي هو أول مطلب من مطالب العراقيين اليوم.

العراق أيضاً يحتاج إلى وقفة جادة من أبنائه العراقيين وليس من يدعي إنه عراقي ولكن يقدم طائفته على وطنه الأكبر، فبذلك لن يحقق الأمان والاستقرار ليس لوطنه بل أيضاً لأسرته التي قد تكون هدفاً للميليشيات المسلحة أو كما يدعي البعض بوجود تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين. إن وجود أي تنظيم ما كان ليوجد لو اتحد العراقيون يداً واحدة نحو بلدهم وغلبوا مصلحة الوطن فوق مصلحة الطائفية.

العراق اليوم يجب أن يتوحد ليعود له استقراره وهيبته بين الجغرافيا الجديدة التي ترتسم على الخارطة للمشرق العربي، وإلا سيظل يدور في فلك من القتل والدمار. فهل يعي العراقيون أهمية بلدهم والعمل معاً نحو الانتقال إلى مرحلة السلم، أم ستظل الطائفية هي المحرك الأساس للفوضى في بلاد الرافدين.

Email