التنمية بين الأرض والإنسان

ت + ت - الحجم الطبيعي

مع استضافة العاصمة السعودية القمة الاقتصادية العربية الثالثة، ورئاسة الدورة الجديدة بعد مصر وقبلها دولة الكويت، لا نعرف مدى ما تحقق على مدار الدورتين السابقتين في دعم برامج التنمية عربياً.

تنعقد القمم ويجتمع كبار القوم من أجل تسهيل الوضع الاقتصادي، لكن ما يلاحظ غياب منهاج عمل ملموس من جانب العرب كافة، فكأن العربي غريباً عن وطنه القومي.

بعد رحيل عبدالناصر ضاع القوميون العرب وتاهت قومية الأمة، فأصبح كل واحد يفكر في مصلحته الذاتية وغابت الوحدة العربية بشكلها الحقيقي.

قبل أيام وأثناء قيام دورة كأس الخليج، تابعت على قناة أبوظبي الرياضية سلسلة من التقارير الجميلة عن إنسان البحرين، وكيف أن البعض لا يزال يحتفظ بصورة عبدالناصر في متحف أقامه لموروثات احتفظ بها لسنوات، تذكرت في تلك اللحظة صورة الزعيم الراحل في غرفة "خالي" أيام ما كنت صغيراً أشاهدها مع كل زيارة لبيت جدي، هي ذاتها التي احتفظ بها المواطن البحريني فتذكرت أن عبدالناصر محفور في صدور وفكر كل عربي عاش تلك اللحظات الجميلة نظير ما قدمه للإنسان العربي.

اليوم نحن في حالة غياب عربياً، كل منا تتنازعه ذاته الداخلية وهموم وطنه الصغير في حين علينا كمنظومة أن نفكر بشكل جماعي لمواجهة الكثير من التحديات التي تقف أمامنا اليوم.

هناك شيء أكبر من كلمات تلقى واجتماعات تعقد، هناك أمر واحد أهم ألا وهو أن تتشابك أيادينا وتتوافق أفكارنا وتكون النوايا صادقة فيما بيننا، حتى نستطيع أن نحقق تطلعات شعوبنا اقتصادياً وتنموياً. وان نتمكن من تدعيم كل ما من شأنه أن يرقى بالإنسان العربي. وأن نتمكن من نقله من حالة العيش المدقع إلى الحياة الهانئة التي توفر له عيشاً سعيداً بعيداً عن حالة القلق التي يعيشها منذ صباحه الباكر وحتى غروب الشمس.

يتواعدون في كلمات وخطب القمم، وبعد الانتهاء كل يكيل للآخر بأكثر من مكيال، ولو استطاع لنهب أرضه ومسحه من على خارطة الجغرافيا. لذلك لن يندمل جرح الإنسان العربي من بعض حكامه الذين لا يفكرون سوى في مقعدهم، وكأن الدهر خلد له ذلك الكرسي.

الشعب المصري أقام الدنيا ولم يقعدها حتى يزيح مبارك، فرحل، وجاء من بعده، وبات حاله أصعب من حال زمن مبارك، ورحل صدام فماذا كان حال العراق والعراقيين. واليوم يعيش السوريون حالة شتات بين حدود سوريا والأردن ولبنان وكأنهم مشردون، هل من أجل إزاحة طاغية على حد قولهم أم من أجل مصالح أشخاص ليكون الشعب في النهاية هو الضحية.

ولتبقى التنمية تائهة بين الأرض والإنسان في عالمنا العربي في ظل نزاعات الكرسي، وغياب منهاج عمل استراتيجي يسير عليه كل من يأتي ممن سادوا على الشعوب حكماً وتسلطاً، بينما هناك تقارير تتحدث عن 17 مليون عاطل عربي، فأين هي خطط التنمية للإنسان وأين المخططين للإنسان العربي، لماذا تغيب أو تغيّب الخطط إذا كان هدفها الإنسان، أم ليبقى عاطلاً ومعطلاً؟

Email