بين الكرة والسياسة

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان الحدث الرياضي الخليجي المتمثل في دورة كأس الخليج الحادية والعشرين التي اختتمت أحداثها في العاصمة البحرينية المنامة يوم الجمعة الماضي، حدثاً خليجياً صرفاً، فقد صرفنا عن هموم السياسة ومتابعات الربيع العربي وما يحدث في سوريا ومالي ومصر والسودان.

هكذا هي دورات الخليج، حينما تأتي يكون وقعها الإعلامي كبيراً على كل بيت وبين الأوساط كافة سواء السياسية أو الاقتصادية، فقد تفاعل الجميع مع "خليجي 21" بروح وطنية عززت التواصل الخليجي عبر بوابة المنامة التي احتضنت الأشقاء وكانت كعادة أهلنا في البحرين "مرحبانيين" بأشقائهم في دول الخليج، هكذا عرفنا عبر التاريخ بأننا شعب واحد ومصير واحد، وننبض بروح واحدة.

كأس الخليج جمعت أهل الخليج قبل ان يتكون مجلس التعاون لاجتماع القادة، بدأت في مارس 1970 من المنامة، لكن مجلس التعاون اجتمع في 1982 في أبوظبي. ولكن جمعتنا الكرة رغم بعض المناوشات الإعلامية، ترانا نتجمع في كل حدث ونتلاقى مع كل امر يهم خليجنا المعطاء.

فاز من فاز ولكن تبقى كأس الخليج ليس بمعنى دورة كروية بقدر هي اجتماع الشعوب وليس القادة، فالقاعدة الجماهيرية للكرة المستديرة تزيد عن أعداد من يتابعون قمم خليجية سياسية، رغم اهميتها ودورها في توحيد الصف واتخاذ القرار الذي يوحد الكلمة الخليجية على النهج السليم. إلا ان دور او اجتماع أهل الرياضة وبخاصة الكرة، يتوفق شعبيا عن أي اجتماع آخر يحدث هنا وهناك.

رأينا على مدى أسبوعين في المنامة تلك الجماهير الحاشدة التي تزينت بها ملاعب البحرين وتلك الأعلام التي رفرفت مؤازرة منتخباتها الوطنية بروح وطنية ودافع للفوز وكسب الكأس الخليجية الغالية، والتواجد في الحدث.

وكانت الجماهير الإماراتية الحدث الأبرز التي ضربت مثالًا يحتذى في حب منتخبها الذي قدم صورة رائعة طوال مباريات البطولة، فما كان من القيادة الإماراتية الحكيمة إلا ان تفاعلت مع الحدث ودعمت وشجعت المنتخب بلاعبيه وجهازه الفني والإداري، وخصصت طائرات لنقل الجماهير للوقوف مع الفريق في البطولة الخليجية.

لذلك ما تفرقنا به الأحداث السياسية تجمعنا الكرة عبر تنافس شريف، يعطي الدافع لأن نطالب بإقامة البطولة كل عام وليس كل عامين، ولا ان تقام كل أربع سنوات كما يطالب به البعض. لا نريد ان يعترف بها الاتحاد الدولي، يكفي ان يتابعها خليجنا المعطاء من شماله إلى جنوبه، ويكفي ان تحقق لنا روحاً ومتنفساً كبيراً وتجمعنا فوق الأرض الخليجية حتى نردد "خليجنا واحد".

مع عودة كل المنتخبات لديارها، لا نقول إلا شكراً للمنامة ملكاً وحكومة وشعباً، لقد عشنا معكم وبينهم حتى لو اننا من بعيد ولكن كنا الأقرب بروحكم الطيبة التي جعلت من البطولة لخليجي 21 الأنجح في الحضور والتواصل الاجتماعي والإعلامي.

ونترقب ان تقام خليجي 22 في البصرة ليؤكد الأشقاء في العراق أننا ننهج منهجاً واحداً في هذا الخليج، وان تجمعنا الكرة لو حاولت السياسة والسياسيون أن يفرقون فيما بيننا، فنظل أسرة كبيرة فوق تراب الخليج الكبير.

 

Email