على ضفاف خور دبي

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم أصدق نفسي عند منتصف سبعينات القرن الماضي إنني أمر بمركبة تحت بحر خور دبي عبر ما يسمى بـ" نفق الشندغة" وتذكرت ذلك المشهد، ساعة وأنا أجول على ضفاف خور دبي، تلك "العبرات" أو" التكات" التي كانت قبل الثمانينات تئن بهدير ماكيناتها، وروائح ذلك البنزين المتناثر فوق مياه بحرها مشكلاً لوناً غريباً، لكنه يظل في ذاكرة الزمن، مهما مضت من العمر سنينه.

تغيرت اليوم أشياء كثيرة في دبي مدينة الحياة بل العالم، الكل يأتيها قاصداً حياة الرفاه وتكوين الذات. حتى إن لسان "خور دبي" بات يطول رويداً رويداً ليعانق منطقة برج خليفة من جهة البر، بعد أن كان محصوراً من الشندغة إلى ما بعد جسر آل مكتوم أو أبعد شيئاً ما، ليصل في 2015 إلى بحر الخليج العربي. من ناحية جميرا.

اليوم بات خور دبي مشهداً من مشاهد تحول دبي وتوسع مدنيتها ومدينتها، رغم ما يقال عن أزمتها المالية، وهي أزمة سحقت اقتصاديات دول كبرى، لكن دبي أثبتت للعالم قدرة فائقة في تجاوز هبوط البورصات وتدني الاستثمارات وما يعرف بالديون السيادية للدول. دبي اليوم تشكل ممراً آمناً لكل من يبحث عن حالة الاستقرار والعمل بجد في زمن ضاع هذا الجد وزاد فيه الفساد والرشى. وأصبحت دبي، على قول أحدهم، " شارع الشيخ زايد بات ممراً آمناً بين الشرق والغرب".

خور دبي ضفاف جميلة وشطآن، لمرحلة ماضية وزمن سيكون جميلاً وأكثر إشراقاً، هذا الخور يزداد بريقاً فوق بريقه، ولتظل الشندغة حاضرة ببراجيلها وتحولها السياحي، إنها نبض دبي الحديثة. هناك يتلألأ ليل دبي بنهارها، حراك سياحي وثقافي واقتصادي، وما جاورها من أزقة البستكية، عبوراً بجسر آل مكتوم، وليطل اليوم على نهر خور دبي، الجسر العابر، وجسر القرهود، ليأتي بعده معبر الخليج العربي، إنه مشهد لا يتكرر في بلدان العالم الحديث، لتصل بك تلك السفينة إلى مدينة دبي فيستيفال، المبهرة بأسواقها وفنادقها المطلة على ضفاف خور دبي.

ما يجري في دبي يختلف عما يجري في بلدان أخرى في المنطقة، مهما كان ثقلها المادي، وإنما الفكر هو من يدير دبي أكثر من كثرة أموالها.

فكل ما يممت وجهك، ترى دبي عامرة بمراكز التسوق وفنادق وأسواق حديثة وقديمة، بل وبحرها وضفاف خورها الممتد بين زمن مضى وآخر آت بجديد، قد لا يضاهى في سرعة إيقاعه ونمائه.

يتلألأ على ضفاف خور دبي وهج إضاءة برج خليفة - أطول برج في العالم- وخطوط مترو دبي بخطيه الأحمر والأخضر. إنها سيمفونية لحنية رائعة، مع تلك الألحان التي تعزفها أنامل مهندس وتأتي عبر فكر عبقري لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، لتتحول دبي إلى عاصمة سياحية وثقافية واقتصادية ومركز حيوي للمعارض وكل ما هو جديد، لتراه عبر ترابها ورمالها وعلى ضفاف بحرها، فقط ما عليك إلا أن تقول إنها دبي.

Email