دبي ومرحلة ما بعد النفط

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الأسبوع الماضي تناولت من خلال هذه الزاوية موضوعاً بعنوان "الخوف من التغيير"، ولا شك ان التغيير يحتاج إلى روح المبادرة وقائد يؤمن بتلك الروح لإحداث تغيير سواء على الأرض في الانسان ذاته.

وفي الحقيقة دبي، أثبتت بفكر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ليس للعالم العربي فحسب، بل العالم قاطبة، انها مثال للتغيير التنموي، مهما كانت التحديات التي تواجهها، ولكن بدون تلك التحديات لن يكون للمسيرة والتغيير أهمية. لذلك جاءت دبي، رغم ما تحدث عنه كثيرون سواء محليا او اقليميا وحتى عالميا، بأن التسرع في التنمية، كان له عواقب كبيرة على اقتصاد الإمارة، خاصة وانها بدون نفط، للاعتماد عليه في تنويع مصادر الدخل المحلي.

لكن بنك أوف أميركا ميريل لينش تطرق في الاسبوع الماضي إلى نقطة مهمة جدا في شأن دبي، وأكد في تقريره أنها دبي انتقلت وبدرجة معينة إلى مرحلة ما بعد النفط. لتقدم نموذجا ساطعا في عدم الاعتماد على النفط الذي هو سلعة ناضبة على مر السنين.

وأكد التقرير ان دبي خاصة والامارات عموما تعد الأعلى إنتاجية بين دول مجلس التعاون الخليجي، وان دبي لم تعد تفكر في احتياطيات النفط او الانتاجية، بقدر انها تسابق الزمن في تجاوز مرحلة ما بعد النفط، التي اثبتت نجاحها بفكر قائد لديه رؤية ثاقبة نحو التغيير.

 خاصة وان قطاع النفط تراجعت مساهمته في دبي في العام 2011 إلى 1.5% من الناتج المحلي الحقيقي. وأكد تقرير بنك أوف أميركا ميريل لنش أن دبي ستبرهن على أنها الفائز الطويل الأجل مدفوعة بتواصل نمو أعداد سكانها واستفادتها من تفوق بنيتها التحتية الاستثمارية.

دبي اليوم وفي الغد هي الرابح الأكبر من التغيير الذي شهدته طوال السنوات الماضية. وحققت تفوقا في نموذجها للتنويع الاقتصادي، مهما كانت العواقب على المدى القصير، لكن على المدى البعيد شكلت أهمية ونموذجا في التنمية خاصة في العالم الثالث الذي يرزح تحت وطأة التخلف التنموي والخطط غير القادرة على مواكبة ما يشهده العالم من تطورات متلاحقة كبيرة تنمويا.

لذلك يجب ان يؤمن القادة العرب بأن التغيير أساس أي مرحلة، وأن الشعوب تتطلع لمرحلة أكثر اشراقا، وعليها ان تدرك ان النفط ناضب، وان العمل على تنويع برامج التنمية، يشكل اكثر أهمية من فترة النفط، وان المستقبل للدول التي تدرك ان تلك المرحلة تشكل تنافسا كبيرا بين الدول ذات الموقع الاستراتيجي، والمصدرة للنفط، لكن كل ذلك يعول على ان تدرك الحكومات ان مرحلة ما بعد النفط يجب ان تبدأ من الآن اذا لم تنتهج بعد حتى الآن، من اجل بناء مستقبلي اكثر اشراقا للشعوب.

خاصة وان الدول في منطقة الخليج تواجه تحديات في مسألة ايجاد وظائف الآن فما بالك بالمستقبل حيث نضوب النفط. الأمر الذي يجب ان تعجل تلك الدول للعب دور تنموي، ويجب الأخذ بنموذج دبي كأحد الاسس للتنمية التي ينشدها الانسان في دول الخليج في مرحلة ما بعد النفط.

Email