تدمير سوريا

ت + ت - الحجم الطبيعي

حالة الحرب التي تعيشها سوريا والدمار الذي يلحق بالأرض، وقتل الناس الأبرياء، لابد أنه يشكل أزمة حقيقية داخل سوريا والمنطقة العربية، في ظل صراع القوى العظمى على الكعكة السورية.

تغيير النظام في سوريا، قد تكون إرادة شعبية بين عدد كبير، ولكن هؤلاء لا يشكلون أغلبية السوريين. وما نشهده من حالة تدمير للبنى التحتية وتشريد السكان من مقارهم وبلداتهم، يشكل فوضى كبيرة تجتاح هذه الأرض العزيزة من وطننا العربي.

كلنا يتفق أن ضعف وتخلف الخطط التنموية في سوريا وحالة الفقر التي يعيشها السكان من حيث عدم وجود وظائف للشباب عبر مشاريع استثمارية جديدة على أرض سوريا، شكل دفعاً للثورة السورية، لتغيير النظام، بجانب دوافع أخرى وصراعات دول سياسية كانت أو اقتصادية.

فما نراه من الدمار والقتل المستمرين بشكل يومي للأطفال والنساء، سواء من قبل النظام والشبيحة أو من قبل الثوار السوريين المدعومين من دول جوار سوريا، يهدف إلى زعزعة استقرار هذا البلد من جغرافيا، ووطننا العربي غير مستقر منذ الربيع الشبابي.

اليوم ومن خلال المبعوث العربي والأممي كوفي أنان يتم تسويق "الحرب الاهلية" داخل سوريا، وهي خطة يبدو أنها ممنهجة دولياً بمساعدة أطراف عربية وأجنبية لخلخلة النظام في سوريا حتى ينهار في وضح النهار.

ولا شك أننا كلنا يتابع الاصرار الصيني والروسي على عدم السماح للغرب بالسيطرة بالقرار حول سوريا كما كان في العراق، وليبيا، مع محاولة الغرب إشراك ايران في الخطة السورية، من أجل جعلها شريكا في أزمة سوريا.

ولا شك ان ابناء الثورة السورية باتوا مختلفين حول أشياء كثيرة، وغير قادرين على توحيد الصفوف مما ينم عن فراغ سياسي داخل فريق الثورة. وهذا ما يجعل الأزمة تطول، مع تراجع بعض الأنظمة المجاورة والدولية في دعم عناصر الثورة بالشكل الذي يحقق الأهداف.

ومن جانب يبدو ان هناك خطة لجعل الأزمة تسير بهكذا منهج، لكن وهذا هو الأهم ان ما يجري في سوريا تدمير كبير للبنية الموجودة في هذا البلد، وهناك كثيرون يرون في الأسد رئيسا، فلا يريدون تغييراً، وهي قد تكون نسبة كبيرة من شرائح السوريين، بينما هناك فئة قليلة هي من لا تريد للنظام الاستمرارية في حكم البلاد، وهم معارضون منذ زمن طويل.

لكن وفي ظل ما شهده عدد من بلدان العالم العربي منذ أكثر من عام، ساهم في جر سوريا، كغيرها إلى الربيع العربي، في ظل دعم غربي، رغم ان سوريا، حافظت على أمن عدد من دول الجوار وخاصة إسرائيل، لكن يبدو أن المخطط القادم للجغرافية، وصلابة الأسد في وجه عملية السلام التي تقودها بعض الدول في المنطقة، جر سوريا إلى ما تشهده في الوقت الراهن.

سوريا اليوم تشهد مسرحية جيوسياسية أبطالها روسيا والصين والغرب وعدد من دول جوار سوريا، بينما المشاهدون السوريون مع بقية العرب يتابعون أجزاء المسرحية، ولكن ما نأمله أن تنتهي قبل أن تكون سوريا أرضاً مستوية عن بكرة أبيها؟

 

Email