مغردون في قبضة القانون

ت + ت - الحجم الطبيعي

رغم ان التكنولوجيا الحديثة أتاحت لنا اليوم فرصة أكبر للتواصل الاجتماعي، وطرح رؤانا من خلال أجهزة متنقلة ومحمولة بسهولة ويسر، إلا أن البعض لا يدرك خطورة ما يحمله بين يديه.

فشرع يغرد كيفما يشاء، ويصدر أحكاما، ويقذف الشتائم على كل من يقف في وجهه، أو أساء في أمر ما بحكم منصب أو غير ذلك. وكون أن دولنا العربية «جديدة» على مثل هذه الحرية والمطالب الشعبية، حتى تصاعدت الأمور وتطورت وزادت عن الحدود، ترى ماذا ممكن أن يجري من قبل الشارع؟.

وبخاصة من الشباب المتلهف للتغيير، والمتطلع لبناء حياة جديدة، عبر مطالب حقوقية، صانها الدستور في كل بلد، لكن لم تطبق على أرض الواقع، الأمر الذي أدى إلى مشاكل كثيرة في بعض مجتمعاتنا العربية، مثل مجتمعات الدول التي تشهد انتفاضات ما يسمى بـ«الربيع العربي»،.

وما تشهده من بطالة وفساد في أوساط القيادات والمسؤولين، وظهور طبقات من الأثرياء بشكل فاحش مع تزايد أعداد الفقراء بشكل فاحش أيضا، وظهور طفيليين يصلون إلى السلطة ومراكز الحكم دون أية مؤهلات ولا خبرات، الأمر الذي أدى إلى استغلال المناصب العليا لمصالح فردية خاصة على حساب مصالح الشعوب، حينما ضاقت الشعوب ذرعا بما يجري.

وجدت الباب مفتوحا، عبر مواقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك وتويتر وغيرها، لتناقش وتطرح وتتساءل حول ما يدور، بعد ان نزلت بعض الشعوب ميادين التظاهر واعتصمت وثارت ضد الفساد والاستبداد، بغية تعديل الأوضاع، ونيل الحقوق التي كفلها القانون، وكل هذا إيجابي وجيد.

ولعبت التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي فيه دورا كبيرا، لكن البعض تمادى في طرحه ونقاشه واستغلاله لهذه المواقع، ربما بسبب الجهل أو لضعف في التعليم أو الثقافة، أو قلة في الأدب والتربية لدى البعض.

ولم تسلم مجتمعاتنا الخليجية من هذه المهاترات والتجاوزات على هذه المواقع، رغم الأمن والاستقرار ومستوى الرفاهية التي تعيشه دول الخليج بالمقارنة بالدول العربية الأخرى التي تشهد ثورات شعبية الآن، الأمر الذي دفع دول الخليج لان تسرع في سن قوانين تجرّم من يسيء استخدام التكنولوجيا أو يقوم بعمل مشين ضد أحد، معلنة ان القانون له بالمرصاد.

اليوم كل انسان رقيب نفسه قبل ان تراقبه الحكومة، وحينما تكون حرية التعبير متاحة، فليس معنى ذلك الانسلاخ من عاداتنا وقيمنا وثقافتنا، فمجتمعاتنا الخليجية لها خصوصياتها وتقاليدها، وقادتنا لا يقصرون ويسعون بأنفسهم دون أن يطلب منهم أحد وبجدية لحل كافة المشاكل، صغيرها وكبيرها.

سن هذه القوانين خطوة جيدة ستجعل المغردين السيئين في قبضة القانون، حتى لا يتم التطاول على أولياء الأمر، او على ديننا الحنيف ورسولنا صلى الله عليه وسلم، واصحابه، وزوجاته، كما جرى في واقعة مؤخرا بدولة الكويت. إن الخروج على قانون الحرية، والرأي، يجب ان يكون في قبضة الدولة حتى يتم معاقبة المخطئ وحفظ حقوق المواطن والمجتمع معا، ولا مانع من توجيه النقد لأية جهة في الدولة والمجتمع، ولكن بأسلوب مهذب وحضاري، هذا إذا ما أردنا اصلاحا حقيقيا، وان نكون السند الصالح لأوطاننا وحكامنا.

Email