أميركا وفضيحة الخدمات العامة

ت + ت - الحجم الطبيعي

من المرجح أنكم سمعتم بحفل مؤتمر لاس فيغاس المخزي، الذي انغمس خلاله موظفون حكوميون فيدراليون في إدارة الخدمات العامة الأميركية في تفاهات متنوعة وصلت قيمتها إلى 823 ألف دولار من أموال دافعي الضرائب الأميركيين. وتضمن ذلك المؤتمر، من بين أمور أخرى، استئجار مهرج محترف، وهو ما يشبه استئجار بيكاسو لرجل عن طريق الصفحات الصفراء، من أجل رسم لوحة جدارية.

وكما هي الحال بالنسبة للفضائح الأخلاقية السياسية، فلا شيء يقفز بفضيحة مالية ما إلى عناوين الصحف بشكل أسرع من دليل فوتوغرافي أو فيديو. ولم يتحلى سفهاء إدارة الخدمات العامة بالحس السليم، فصوروا حصراً سلسلة الأدلة التي تدينهم.

وها نحن، مع انطلاق تحقيقات الكونغرس، وإعدام موظفين رفيعي المستوى، مثل مارثا جونسون مديرة إدارة الخدمات العامة، بالمقصلة المهنية، كما تم إعدام ماري أنطوانيت بمقصلة حقيقية. وهل يدهشنا حقا أن قيادة لا تقوم على أساس الجدارة دونما خجل جرحت بسيفها؟ لقد صُدمت بالكاد عندما كتبت اسم مارثا جونسون في موقع "غوغل"، وكان أول ما رأيته صورة لها وهي ترفرف على كتف أوباما، أثناء توقيعه على تشريع عمل موظفي الخدمة المدنية من السرير.

وبالمناسبة، فإن أحداً لا يستطيع أن يعتقد أن فشل إدارة الخدمات العامة يشكل قضية حزبية، أو أنه بدأ في عهد أوباما، إلا إذا كان مغفلاً بحق. فالتبذير النقدي خطيئة أصلية في مجال الخدمة المدنية.

 وعندما أنشأت الحكومة أول منصب خدمة مدنية منذ أمد بعيد، يرجح أنها أعطت الشخص الذي شغل ذلك المنصب ميزانية معينة ودواماً مدته ثماني ساعات في اليوم، وأنه بدد تلك الميزانية قبل مغيب الشمس.

ومنذ ذلك الحين، كان الشعار المتبع "استخدمها أو اخسرها": اعثر على طريقة لجعل الميزانية تبلغ أقصى حد لها، وأثبت الحاجة إلى المبالغ الإضافية، وإلا لن يتم تخصيصها. وبالتأكيد، فإن إدارة الخدمات العامة وجدت طريقة لفعل ذلك.

وبالنسبة لشخص يعمل في القطاع الخاص، فإن هذه القضية قد تجعلكم تشعرون بشعور ديان فوسي نفسه، أثناء مراقبتها لقردة الغوريلا وهي تلتقط الحشرات من فراء بعضها البعض. ولا تساهم قراءة تقرير نقص الإدارة بشأن مؤتمر المناطق الغربية الذي عقد عام 2010، والصادر عن مكتب المفتش العام، إلا في توضيح عمق الهاوية البيروقراطية. وبصرف النظر عن قارئ الأفكار والمهرج، فإن أحد "تمارين بناء الفريق" تضمن شراء وصنع 24 دراجة، كانوا يعتزمون التبرع بها بعد ذلك لجهة خيرية. وقد يتساءل المرء: ما الذي حدث إذن؟

ووفقا لتقرير مكتب المفتش العام: "فقد أراد مسؤولو إدارة الخدمات العامة من المشاركين أن يروهم أثناء تبرعهم بالدراجات لأطفال "نادي الفتية والفتيات" المحلي خلال المؤتمر.

ولكن في حال استحوذت الحكومة على الممتلكات، فإنها لن تستطيع التخلص منها إلا وفقا لبرنامج التبرع بالفائض من الممتلكات الفيدرالية، الذي أنشأته الإدارة نفسها لتمكين جميع الوكالات الاتحادية من الامتثال لقانون الملكية. وتفاديا لمقتضيات قانون الملكية، فإن إدارة الخدمات العامة أكدت على أن الدراجات ستبقى في جميع الأوقات ملكا لمزود الفريق.

ولا يمكن إلا لوكالة حكومية، أن تجعلني راغبة في إضرام النار في الدراجات المصنوعة لأهداف خيرية، كما لو كانت عائدات إجرامية.

وأنفقت إدارة الخدمات العامة كذلك 8130 دولاراً على كتب سنوية تذكارية للمشاركين، و2781 دولاراً على زجاجات المياه، و3749 دولاراً على القمصان، ولكن الضربة القاضية تمثلت في العملة التذكارية التي استلمها كل مشارك، مع علبتها المخملية الخاصة، بتكلفة 6325 دولاراً. وهنا تنتهي جولتنا في كوكب إدارة الخدمات العامة.. رجاء دعوا محافظكم هنا، وعودوا إلى الواقع.

Email