عُمان والإمارات علاقة خاصة

ت + ت - الحجم الطبيعي

زيارة جلالة السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان، لدولة الإمارات والتقاؤه مع أخيه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، تشكل أهمية كبيرة، رغم أنها تأتي في إطار زيارة خاصة، في ظل ما تشهده المنطقة العربية مما يعرف بانتفاضات الربيع العربي، والزيارة الاستفزازية التي قام بها الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى جزيرة أبو موسى الإماراتية المحتلة من قبل إيران.

ورغم خصوصية الزيارة، بعيداً عن البروتوكولات الرسمية، فمن المؤكد أن قمة الزعيمين ستتطرق للعلاقات الثنائية المشتركة بين البلدين وما تمثله من روابط تاريخية خاصة، وليست مجرد علاقات دولة بأخرى فقط. فالتاريخ المشترك للبلدين ضارب في القدم، ويشكل دوراً بارزاً على كل الصعد من أجل مزيد من التوطيد، سواء في المجالات السياسية أو الاقتصادية والاستثمارية والثقافية.

والزيارة تكتسب حيوية أكثر في ظل ما يشهده العالم عامة والعربي خصوصاً، من نزاعات، وانفصالات، وأزمات، وما يتطلبه ذلك من تبادل الرؤى المشتركة وتنسيق المواقف تجاه القضايا الدولية، سواء عبر منظومة مجلس التعاون الخليجي أو عبر الجامعة العربية. وهي بلا شك تدعم كل ما من شأنه تعزيز التعاون الثنائي، والدفع به نحو أفق أوسع وأشمل، بهدف جعله نموذجاً في العلاقات بين الدول، بعد أن أرسى دعائم هذه العلاقة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وأخوه السلطان قابوس بن سعيد.

ويدرك الزعيمان أن استقرار كل بلد هو استقرار للبلد الآخر، في ظل التداخل الجغرافي والاجتماعي بين البلدين والشعبين، وأن تقدم الإمارات وازدهارها يمثل ازدهاراً لسلطنة عمان، والعكس صحيح كذلك، وأن أمن عمان وانتعاشها اقتصادياً وتجارياً هو من أمن وتقدم الإمارات.

إن المباحثات بين القيادتين تحفز العلاقات بشكل أرحب وتدفع بها نحو آفاق جديدة، لتصب في مصلحة البلدين وشعبيهما الشقيقين، بجانب الحرص على تفعيل الجوانب الاقتصادية والاستثمارية والثقافية، في ظل اللجنة المشتركة بين البلدين، والتي أكدت على الدوام، أهمية التنسيق في كل ما من شأنه رقي العلاقات لتكون دافعاً لمرحلة أكثر إشراقاً.

وشهدت الأيام الماضية حراكاً طيباً من التعاون والتنسيق على كل الصعد، خاصة الاستثمارية والثقافية. وتأتي سلطنة عمان في المرتبة الثالثة من حيث حجم التبادل التجاري بين دولة الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي، بعد السعودية والكويت، حيث بلغت قيمة الصادرات غير النفطية ما يعادل 61 مليون درهم، خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2011، أي ما نسبته 6% من إجمالي الصادرات غير النفطية لدول مجلس التعاون.

في حين بلغ حجم عمليات إعادة التصدير إلى السلطنة، ما يقارب 273 مليون درهم وبنسبة 13%، بينما بلغ إجمالي التبادل التجاري بين دولة الإمارات وسلطنة عمان، ما يعادل 653 مليون درهم خلال الفترة ذاتها، في حين احتلت دولة الإمارات المرتبة الثانية ضمن الشركاء العشرة الرئيسيين، حسب حجم التبادل التجاري لسلطنة عمان لعام 2010.

وفي الجانب الثقافي سيقوم البلدان بالتقدم بشكل مشترك خلال الأيام المقبلة، لتسجيل فني التغرودة والعيالة في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية في منظمة اليونيسكو، وهذا دليل حي وملموس على التاريخ الثقافي المشترك بين البلدين.

ولا شك أن الجوانب الاستثمارية السياحية تعتبر مرتكزاً أساسياً في الدفع بالاستثمار المشترك، في ظل المقومات الكبيرة التي تزخر بها سلطنة عمان، الأمر الذي يجعل البلدين نقطة مهمة للحراك السياحي الكبير المتدفق، سواء إلى الإمارات أو إلى السلطنة، خاصة ما شهدته الأيام الماضية من زيادة في الاستثمار السياحي الإماراتي في السلطنة.

Email