أولاد تولوز وأولاد غزة

ت + ت - الحجم الطبيعي

التشبيه الذي أطلقته كاثرين اشتون مفوضة السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي على قتلى المدرسة اليهودية في تولوز الفرنسية، والقتلى الذين ترتكب فيهم إسرائيل يومياً في فلسطين وغزة، لم يعجب الحكومة الإسرائيلية، وطالب الإسرائيليون اشتون بأن تركع وهي تعتذر لهم، عما اقترفته في التشبيه. رغم أن مايكل مان المتحدث باسم أشتون نفى أن تكون المسؤولة الأوروبية قد قارنت بأي طريقة بين اعتداء تولوز والوضع في قطاع غزة.

لقد ثار الرئيس الفرنسي ساركوزي من أجل الجريمة التي قام بها الفرنسي محمد مراح ضد أطفال يهود أبرياء، وجنود فرنسيين، في إحدى مدارس مدينة تولوز. حتى تم قتل مراح وتخليص الشعب الفرنسي واليهودي من هكذا أناس بشعون، لأنهم أشخاص متطرفون، بغض النظر كونهم مسلمين أو يهود.

أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عبر عما أثار غضبه واستيائه، المقارنة بين مجزرة متعمدة استهدفت أطفالاً، وبين أعمال دفاعية حسب قوله، مبرراً ما يقوم به الجيش الإسرائيلي يستهدف إرهابيين يستخدمون الأطفال دروعاً بشرية».

ووصفها وزير الحرب الإسرائيلي إيهود باراك بــ«مشينة ولا أساس فعلي لها في الواقع». كما هاجم وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أشتون واصفاً تصريحاتها بــ«غير لائقة» وقال: إن «إسرائيل هيأكثر «دولة أخلاقية» في العالم على الرغم من أنها تضطر إلى محاربة «الإرهابيين» الذين ينشطون في صفوف مدنيين، على حد زعمه». وهي تصريحات يدركها كثيرون أنها مبالغة من الجانب المسؤولين الإسرائيليين.

وهي تصب في خانة الدفاع عن دولتهم وشعبهم، في وقت يحتقرون الأجناس الأخرى. وحقيقة، للدولة الفرنسية الحق في التخلص من محمد مراح ومن على شاكلته، الذين يتخذون الإسلام درعاً لفكرهم المتطرف في قتل الأبرياء من الأطفال والنساء وغيرهم، بداعي الثأر من اليهود.

وإن هكذا فكر يجب أن ينتهي في زمن حوار الحضارات والمصالح المشتركة بين شعوب العالم، وسعي الإنسانية للتعايش السلمي. لكن هذه الأفكار المتطرفة، تتولد في ظل الإفراط الإسرائيلي البشع في قتل الفلسطينيين، وقيامها بهدم منازلهم وتجريدهم من أراضيهم.

وهي تولد الحقد لدى محمد مراح وغيره ممن يغذيهم من المتطرفين من يطلق عليهم «جنود القاعدة» لرد الاعتبار للشعب الفلسطيني. وما تصريح اشتون سوى لتذكير إسرائيل للقيام بدورها في وقف قتل أبناء غزة، حتى يتوقف المسلمون من قتل أبناء اليهود، فكما تدين تدان.

وعلى إسرائيل أن تتجرع من كأس الإرهاب والتطرف، كما يتذوقه الفلسطينيون. وان العالم الذي يتحرك ويندد ضد قتل بعض من أبناء اليهود، لكنه يصمت حينما يأتي على قتل المسلمين فإنه لا يبالي، لذلك فإن هناك ردة فعل ستكون أعنف من جانب المسلمين. إن على إسرائيل المتوحشة والمتطرفة، إبراز حقيقتها لتحقيق السلام، ووقف إراقة الدماء ضد الفلسطينيين، ونهب أراضيهم، واقتلاع أشجارهم، حتى يتوقف المسلمون «المتطرفون» عن قتل أبناء شعب إسرائيل. ولا شك إننا لا ندعو للقتل، أو التطرف في الدين، لأن هذا في النهاية يرد على صورة المسلمين والإسلام الذي هو براء من قتل النفس الإنسانية عمد.

وتقول الآية «من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنّما قتل النّاس جميعاً ومن أحياها فكأنّما أحيا النّاس جميعاً» المائدة 32. لذا فإن ما يشكله البعض من المتطرفين، إنما يعود للحالة النفسية التي تلعب بها إسرائيل، في قتل أبرياء، الأمر الذي يتطلب دعوة للتجانس والتعايش السلمي، ليعم السلام شعوب العالم، بعيداً عن الحروب والقتل الدمار، فهل تعي إسرائيل لمثل هذه النداءات؟

Email