قمة بغداد.. حقبة جديدة

ت + ت - الحجم الطبيعي

أمل كبير يحدو الساسة وغيرهم من أبناء الشعب العراقي، لوصول القادة العرب لبلادهم في قمتهم الثالثة والعشرين المقبلة، التي تنعقد يومي 28 و29 من الشهر الجاري. أمل سيظهر مدى قدرة العراق على تجاوز سنوات عصيبة، في ظل الاختلافات الكبيرة بين القيادات العراقية حول تسيير البلد، وكأن الشعب العراقي كتب عليه أن يعيش الشتات والخوف. ولكن يبدو الأمر صعبا جدا على كل عراقي، أن يظل حال بلاده على ما كان عليه أيام الاحتلال الأميركي.

 اليوم ينظر العراقيون ببصيص أمل أن تتغير الصورة، ويعود نهرا دجلة والفرات للجريان بالمياه العذبة، وليس بسيلان الدماء، مع بدء انعقاد جلسات القمة العربية في بغداد، وأن تكون هذه القمة بداية لمرحلة جديدة على الشعب العراقي، الذي عليه اليوم الدور الأكبر في تجاوز كل المحن التي حلت ببلاده طوال السنوات الماضية، وأن يبدأ فتح صفحة توافقية جديدة، يكون شعارها بناء العراق بثوب التعمير الجديد، حتى يستطيع كل عراقي أن يعود إلى أرض وطنه معززا مكرما.

فمع انعقاد القمة العربية، ستكون الأمور أكثر جدية في انتقال العراق لدوره الأساس في المنطقة العربية وعلى المستوى الدولي، ويكون قادرا على المشاركة في لملمة العرب تحت سقف واحد بعد الربيع العربي، في زمن اختفى منه عدد من القادة العرب الذين كانوا يشكلون مرحلة من مراحل الزمن العربي واندفنت اليوم بفضل ربيع الشباب.

اليوم، مع الاستعداد لإقلاع الطائرات العربية نحو بلاد الرافدين، نأمل أن تنفرج الأوضاع في العراق، وأن يتم وقف القتل العشوائي غير المبرر الذي تشهده الأراضي العراقية، والاختلافات الكبيرة بين القادة العراقيين، وأن يوحد الشعب العراقي صوته، فذلك هو السبيل الوحيد لانتقال العراق لمرحلة بناء ما دمره الاحتلال، حتى يعود جيل العراق إلى بيته آمنا مطمئنا.

ولا شك أن جدول أعمال القمة لا جديد فيه، حسب تصريحات نائب الأمين العام أحمد بن حلي، حيث يتضمن عشرة بنود ستطرح على جدول أعمال القمة, بينها الوضع في سوريا، وجعل المنطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، وتطورات الشرق الأوسط، والقضية الفلسطينية، والصراع العربي/ الإسرائيلي وآخر مستجداته. وكذلك تطوير العمل العربي المشترك، وتطوير الجامعة العربية، بجانب موضوع الإرهاب الدولي وسبل مكافحته، والنظام الأساسي لقيام البرلمان العربي الدائم، ومشاريع القرارات المرفوعة من المجلس الاقتصادي والاجتماعي التحضيري للقمة.

كل هذه موضوعات غير متجددة ولا تحظى باهتمام الشباب، ولم يدرج في جدول الأعمال ما تشهده المنطقة في ظل الربيع العربي عموما، سوى الأوضاع في سوريا، وكيف يمكن أن تدعم القمة العربية الشباب العربي الذي يئن تحت ظروف قاسية، وتستجيب لتطلعات الشعوب التي تنتظر حرية التعبير, والعيش الكريم، وإيجاد سبل كفيلة بتحقيق الديمقراطية الحقيقية، التي تبني جيلا عربيا قادرا على محاكاة غيره من الأجيال في أوروبا أو أميركا واليابان، من خلال توفر التكنولوجيا، وأن يكون صانعها وليس مستهلكها فقط.

إن القمة العربية يجب أن تقف وقفة جادة اليوم، أمام مرحلة انتقالية تشهدها الساحة العربية، بعد الربيع العربي، وهو ما قد يؤسس لمرحلة أكثر إشراقا إذا ما تم التعامل معها على أساس أنها مطالب شعوب تبحث عما يحقق لها بيئة عمل ناجحة، وظروفا معيشية طيبة، واستقرارا أمنيا واجتماعيا واقتصاديا.

إن قمة العراق، يجب أن تتفاعل بشكل أكبر من أي وقت مضى مع الاوضاع الراهنة، لأن هناك مستجدات كثيرة على الساحة الدولية تتطلب وقفة حازمة في التعامل معها، وليس أن تكون القمة مجرد لقاءات بين القادة أو من ينوب عنهم في يومين، دون الخروج بشيء ملموس للشعوب العربية، التي تكفيها معاناة سنوات وعقود.

Email