بوتين قيصر روسيا

ت + ت - الحجم الطبيعي

64 في المئة نسبة أعادت فلاديمير بوتين لسدة الرئاسة الروسية، بعد انتخابات أثارت جدلاً كبيراً في ماضي الأيام، لكن استطاع أن يعود بوتين من أوسع الأبواب لإدارة زمام الحكم للمرة الثالثة في روسيا.

بوتين عبر فور إعلان النتيجة لأنصاره بأن فوزه «انتصار في معركة شفافة ونزيهة»، فيما خرج متظاهرون إلى الشارع مشككين في تلك النزاهة التي أعلن عنها بوتين.

وتحدث ممثلو بعض المرشحين ومعارضون ومنظمات مراقبة الانتخابات مثل جمعية «غولوس» ورابطة الناخبين عن وجود «تزوير» لكن ما تابعه كثيرون، من خلال الشاشة، تلك الدمعة التي نزلت من عين «بوتين» غداة إعلان الفوز، التي لم يكن أحد ينتظرها من رجل «قوي» قادم لحكم البلاد، وقد أثارت السخرية بجانب الاندهاش، وهو ما عبرت عنه أوساط أن «موسكو لا تصدق الدموع».

وقال المدون الروسي المعارض الكسي نافالني «إن لبوتين كل العذر في البكاء، إذ نظر من حوله، وقال في نفسه يا الهي ماذا فعلت أنا». رغم أن بوتين نفسه عزا تلك «الدمعة» إلى الرياح الشديدة التي هبت في ساحة ما نيجنايا بوسط موسكو حينما التقى أنصاره.

ورغم ذلك سجلت حوالي 6 آلاف حالة انتهاك لقانون الانتخابات، وهو ما اعترف به بوتين بعد يومين من انتهاء الانتخابات. المقربون من بوتين يؤكدون إنه «براغماتي» يتجه نحو الحوار مع كل الذين يريدون عملاً بناءً يقود روسيا لمرحلة جديدة من العمل والإصلاح.

ولعل المرحلة المقبلة من حكم بوتين التي سيؤدي فيها اليمين في مايو المقبل، ستكون في غاية الإثارة والقوة في آن، وفي وقت يأمل بوتين إلى إعادة القوة والكلمة والهيبة الروسية على الساحة الدولية، كدولة عظمى لها طموحاتها العالمية ولها تأثيرها الفعال على ما يدور من أحداث في كل أنحاء العالم، كما كان الحال أثناء ثنائية القوى على الخارطة العالمية.

لقد كانت مرحلة التراجع للقوة الروسية، قد سببت حالة فراغ في فضاء التزاحم أمام الولايات المتحدة الأميركية، للعب دور على الساحة الدولية، وحينما جاء الفيتو الروسي الصيني، حول المشروع الأخير تجاه سوريا في مجلس الأمن، جاء ليشكل فصلاً جديداً للصراع في المنطقة. وهي رسالة من روسيا، إنها قادمة لوضع قوتها أمام أميركا من جديد، وان روسيا لا تريد مزيداً من الصراعات في المنطقة، وان أميركا عليها أن تدرك أن حقبة جديدة يجب أن تسير في قادم الأيام.

روسيا ترى انه حان الوقت للعودة بقوة للساحة الدولية بعد حالة الانهيار والتفكك للاتحاد السوفييتي إبان حكم جورباتشوف ويلتسين، وسقوطه كقوة عظمى من عالم جيوسياسي.

لكن الأيام المقبلة بقيادة القيصر بوتين ستكون في غاية الأهمية ليس لروسيا أو الولايات المتحدة، بل للمنطقة، في وقت تتشكل اليوم قوى عظمى اقتصادية جديدة، متمثلة في الصين والهند، والبرازيل. وهي عوامل قد تغير حسابات الصراع السياسي والاقتصادي في العالم.

لكن على القيصر الروسي فلاديمير بوتين أن يدرك تماماً أهمية تقوية الاقتصاد الروسي، ليكون عاملاً مساعداً للقوة المقبلة، بجانب تفعيل وتحديث القوات المسلحة وتقوية القدرات الروسية الدفاعية، بهدف أن تلعب روسيا دوراً فعالاً وسليماً من خلال دورها الإقليمي عبر تحالفات مهمة لعودة روسيا لدائرة القوى العظمى بجدارة، وهو الخوف الذي بدأ يتغلغل في الغرب.

فالأيام المقبلة بلا شك ستكشف عن الكثير من الأوراق، لكن ما نأمله أن يكون الموقف الروسي أكثر واقعية وفاعلية في التعامل مع الأزمات القادمة على الساحة الدولية.

Email