اليمن نحو حياة أفضل

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا شك أن اليمن الشقيق يدخل حقبة جديدة من تاريخه، لعله يكون أسعد من أي تاريخ مضى. فبعد أن أدى رئيسه الجديد عبد ربه منصور هادي اليمين الدستورية رئيساً، خلفاً للرئيس المتنحي علي عبدالله صالح، يكون اليمنيون بذلك قد دخلوا التاريخ من جديد من أوسع أبوابه، وكان حراكهم الشعبي مثالاً يضرب به المثل.

جاء ذلك بينما كان القلق يسيطر على الكثير من دول الجوار، من أن يتحول الحراك اليمني إلى تناحر يقضي اليمنيون على بعضهم البعض، خاصة وأن كل بيت يمني يكتنز السلاح. لكن كان فكر اليمن أكثر عقلانية من كثير من المحللين، وضربوا بقبليتهم مثلاً للعالم، وليس للعرب فقط، بأن القبائل حينما تجتمع في مصلحة الوطن تكون أكثر قوة وهيبة، بدلاً من تقزيم نفسها في خلافات لا تدعم البناء اليمني. وكان اليمنيون يدركون أن حراكهم يجب أن يكون سلمياً، بعيداً عن العنف، رغم أن البعض اتهم صالح بأنه كان يريد لهم أن ينساقوا نحو الهاوية.

مرت البلاد في مرحلة انتقالية بعد التدخل الخليجي، لأن شرارة اليمن لو لم تطفأ سريعاً، لأحرقت من حولها. ورغم خوف البعض من عدم التوافق اليمني، إلا أن الأمر سار مختلفاً بعض الشيء، خاصة أن اليمنيين يدركون أنهم عاشوا سنوات طويلة قد تكون عجافاً في تاريخهم الوطني، وخاصة من الناحية التنموية.

 فرغم أن البلاد تزخر بمقومات عديدة، سواء تاريخية أو غيرها ليكون اليمن بوابة الاستقرار للمنطقة، لكن الحكمة اليمانية لم تكن ترى صواباً في ظل فساد السلطة، وتهميش إنسان اليمن الذي أغرق نفسه بـ"القات"، وأصبح يعيش حالة إدمان قهري، مما باتت عليه بلاده التي هي أساس الجذور للمنطقة.

ولكن لا نشك لحظة في أن اليمنيين اليوم قادرون على انتهاج سياسة حكيمة، للحاق بركب المدنية والتقدم الذي تعيشه بقية بلدان المنطقة، ولا شك أن اليمن ليس أقل ثروات من غيره من دول المنطقة، وإذا لم تكن نفطاً فإنها موارد طبيعية، تجعل منه بلداً سياحياً من الدرجة الأولى في المنطقة العربية على أقل تقدير، إذا ما وضع اليمنيون لأنفسهم خارطة طريق جديدة يسيرون عليها في مرحلة أصبحت البلاد تحتاج إلى وعي أكثر حرصاً من جانب، وأكثر سرعة في تغيير الصورة القاتمة التي صورت عن اليمن واليمنيين في لحظة ما من الزمن.

لكن لنقل إننا أبناء اليوم، وإن اليمن يعيش تاريخ اللحظة، بعيداً عما سلف من تواريخ الروزنامة السابقة. وإذا ما أراد اليمنيون بناء دولة حديثة، فهم قادرون على مسارعة الزمن واللحاق بجيرانهم في المنطقة.

ويجب على الحكومة اليمنية أن تكون واضحة مع شعبها، وتتعامل بروح القانون، ودولة مؤسسات حديثة، رغم أن الحالة القبلية تتجذر في عروق الأرض والإنسان في اليمن، لكن هناك إدراكاً كبيراً لدى الشارع اليمني، بأن ما مضى قد فات وعلى كل يمني أن يعيد بناء دولته وبيته من جديد ليتواكب مع روح العصر ومتطلباته.

وإذا كان اليمنيون يتباكون كثيراً على ما ضيعه عهد علي عبدالله صالح من سنوات طويلة تتجاوز ثلاثين عاماً من تاريخ اليمن، خاصة في بناء البلاد اقتصادياً وصناعياً، فإننا نؤكد أنه لا يمكن التباكي على ما مضى، فاليمن يعيش اليوم تاريخاً غير التاريخ الذي عاشه قبل ربيع الثورة. وهذا ما يجب أن يدركه كل يمني محب لوطنه، وأن يعمل اليوم "صالحاً" من أجل النهوض لبناء هذا الجزء العظيم من الأمة العربية، حتى يبقى اليمن أكثر سعادة مما مضى من السنوات، وليستعيد كل يماني سعادته وهو يرفل في نعيم الصحة وينفض غبار الفقر، ليعم الخير على بلاده.

Email