الكويت في عيدها

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الوقت الذي يحتفل فيه الكويتيون بمناسبة العيد الوطني الحادي والخمسين، وبعيد التحرير الحادي والعشرين، ينتظر الشارع العربي عموما الحراك الديمقراطي في هذه البقعة من الخليج. انتخابات مجلس الأمة الكويتي هذه تعد الرابعة عشرة في تاريخ الحياة البرلمانية الكويتية، التي بدأت في العام 1963 كأول انتخابات.

والتي تعد من أوائل الحياة الديمقراطية في الدول العربية، الفرحة في الكويت ليست فرحة واحدة، بل جاءت لتشكل ثلاث حلقات من الفرح معا، العيد الوطني، عيد التحرير، ونجاح الانتخابات البرلمانية.

ورغم أن تاريخ الحياة البرلمانية في الكويت طويل، لكن هناك منغصات عدة تعترض سيره في كل مرة، وهي تحديات لا شك يدركها الكويتيون، خاصة ما ظهر في الفترة الأخيرة، من حيث وجود مشاكل في عمل الحكومة، وتفضيل البعض المصلحة الخاصة على مصلحة الكويت العامة. لذلك فإن الانتخابات الأخيرة قد تكون بداية مرحلة «انتعاش» كبيرة في تاريخ الكويت.

وصرح رئيس الوزراء الكويتي الشيخ جابر المبارك قبل أيام بأن حكومته تتوافق مع مخرجات الانتخابات الأخيرة، بغية تحقيق مطالب أغلبية الشعب وليس المعارضة فقط، ومع كل هذا المشهد يتوقع المحللون أن تشهد الساحة الكويتية «عراكا» ديمقراطيا تحت قبة مجلس الأمة، قد يضيف للمشهد ديمقراطية أكثر عمقا.

وأقدر على محاكاة الواقع السياسي للأرض والإنسان في الكويت. فالتحولات الكبيرة التي تشهدها المنطقة العربية عموما، تتطلب من الديمقراطية الكويتية، مرحلة انتقالية جديدة، تعطي دروسا للعمل البرلماني العربي وللحياة الديمقراطية خاصة. والرهان اليوم ينصب على الحراك وليس العراك الشبابي في الكويت، الذي نجزم على أنه قادر على نقل الكويت لحياة سياسية أكثر إشراقا، والمدعوم من الماضي التليد للحياة الديمقراطية في هذا البلد العريق.

فنحن في دول الخليج نترقب بتوجس المرحلة القادمة في الكويت سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، لتكون مرحلة ابعد من نظرة عقيمة طائفيا وقبليا، رغم أن أحد المرشحين في الانتخابات الأخيرة، أكد انه سيصوت للقبيلة أولا.

وهذا يؤكد اننا في دول الخليج لن نتخلص من هذه العقيدة، لأننا كنا ومازلنا أبناء قبيلتنا، ولكن سنتجاوزها حينما تكون مصلحة الوطن فوق اعتبارات القبيلة والطائفة. ولعل من الأهمية بمكان اهتمام المجلس في المرحلة القادمة من عمره بانجاز القوانين العالقة بين السلطتين.

وتجاوز المرحلة السابقة التي سببت حالة من التصعيد بين الحكومة والبرلمان، والبحث عن ما يعطي دورا أكبر لتفعيل بناء الكويت، مقارنة بما وصلت اليه بقية دول الخليج وخاصة الإمارات وقطر من بناء تنموي. وهذا يتطلب تكاتف السلطات الثلاث لدفع عجلة التنمية في هذا القطر الخليجي. خاصة وان البلاد شهدت حركة عاصفة في زمن الربيع العربي، كادت أن تخرب ما بناه قادة الكويت طوال المرحلة الماضية.

ولا شك أن ما أكده أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، في افتتاح دور الانعقاد للفصل التشريعي الرابع عشر، على أن «الكويت ستظل دولة قانون ومؤسسات، وان قضاءها مشهود له بالنزاهة والعدل، وانه يرفض المس بكرامة المواطنين أو الإساءة إليهم».

وإذا كان التيار الإسلامي بمختلف اطيافه يسيطر على الأغلبية في مجلس الأمة، بنسبة 44% من الاعضاء، وان البعض من أبناء الشارع الكويتي يرمون الكرة في ملعب هذا التيار لإخفاقات التنمية في البلاد، الا اننا نؤكد أن الفساد لدى عدد من المسؤولين كان السبب الأكبر في الحراك الماضي.

وما آلت اليه الأوضاع من صورة غير واضحة لمستقبل العمل الوطني، لولا تدخل الأمير لحلحلة الأزمة. لذا فإن مرحلة جديدة، تتطلب وضوحا في الاستراتيجيات والاهداف لبناء كويت قادر على مواجهة ما يحيط بها من أزمات.

Email