مصر.. وماذا بعد؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

مشهد غير المشهد، ذلك الحال الذي شهده استاد بورسعيد غداة مباراة في كرة القدم بين ناديين مصريين، هما الأهلي والمصري، في وقت يقال إن الرياضة تجمع من فرقتهم السياسة، لكن يبدو أن العكس بات هو الواقع في زمن الربيع العربي وتوزع الفوضى في كامل أجزاء الجسد المصري.

حالة تؤكد أنه ليس ضعفاً في الأمن المصري، بقدر غياب الفكر المصري الذي عرف بالحكمة، وأن مصر هي فوق كل شيء، ولكن ما جرى كان مشهداً لا يمكن وصفه، سوى بأنه نار جحيم بدأ يحرق مصر وشعبها واقتصادها.

مصر بيت العرب، غيبت عن دورها، واقتصر الحال على تدارس وضعها الداخلي الذي تهشمه وتحرقه نيران البلطجية، التي تضر بمصر وشعبها.

لا يدرك كثيرون من الشعب المصري اليوم، أن مصر مستهدفة، ويجب أن يقف المصريون صفاً واحداً أمام النار التي ستحرق بلادهم، إذا لم تطفأ سريعاً ويقف كل المصريين في وحدة واحدة، لتجاوز هذه المرحلة الحساسة، التي تمر بها مصر.

ندرك أنها مرحلة تحول كبيرة تشهدها الأمة المصرية على وجه الخصوص والأمة العربية عموماً، لكن هذه المرحلة إذا لم تكن تشهد رصاً للصفوف الداخلية، فإن حالة الفوضى ستشهد مزيداً من التأجيج للمشاعر، حتى تدخل مصر في دوامة حرب داخلية.

هناك أياد لخفافيش الظلام تلهب نار الجحيم، سواء من النظام السابق أو من خارج مصر، من الذين لا يريدون استقراراً لمصر العروبة، وهو ما يصب في مصلحة العدو الأول إسرائيل، فحالة اللا استقرار هي الأمل الأكبر الذي تلعب عليه العناصر المعادية في الداخل والخارج. وهدفها أولاً وأخيراً، هو إضعاف مصر أمنياً واقتصادياً وعسكرياً، وما تشهده الساحة المصرية، هو ذاته ما أرادته قوى الظلام من أعمال همجية، لتعم الفوضى مصر.

ولكن مصر اليوم أكثر حاجة لضبط النفس من جانب كل فرد ومسؤول، حتى تعود الحالة الأمنية لطبيعتها، ليؤكد المصريون أن ثورتهم نجحت، وحتى يؤكدوا أن مصر من دون مبارك وأبنائه أفضل حالاً من 30 عاماً سابقة.

يجب ألا تنجر مصر وراء تخبط عشوائي بعد نجاح كبير للثورة، لم يكن متوقعاً أن يتفوق المصريون على حكم ظل 30 عاماً، ليقصى عن كرسيه سريعاً، ويجب اليوم أن يعود المصريون إلى وعيهم ورشدهم، حتى لا تصاب مصر بحمى يستعصي بعدها إيجاد علاج للاستشفاء.

ندرك ما يلعبه البعض من رؤوس الأحزاب، الذين يلعبون لعبة خطيرة في الداخل، وما يصب في غير مصلحة مصر، بقدر ما يخدم مصلحة حزبية مرادها في نهاية المطاف الوصول لكرسي الرئاسة، وهي نظرة ضيقة للغاية لهكذا أفراد، بينما مصر تحترق، وهم يلملمون أوراق شتات السنين.

اليوم يجب أن يعي كل مصري، أهمية ما يدور ويحاك ضد بلادهم، وبالتالي ألا ينجر هؤلاء خلف الموجة حتى يغرقوا مصر العظيمة. في السياق ذاته، حدد المجلس العسكري في الأسبوع الماضي تاريخاً للترشح للرئاسة، من أجل أن تعود الحياة إلى الاستقرار شيئاً فشيئاً، ولكن يجب أيضاً أن يدرك المصريون أن كل ما يدور في الغرف المغلقة، سيدخل مصر في دوامة لا تحمد عقباها.

وهو ما لا نتمناه لمصر العروبة، حتى تعود أفضل حالاً مما كانت عليه، في زمن يحتاج فيه العرب جميعاً للدور المصري، ليلعب ما كانت تمثله مصر من أهمية كبيرة للدول العربية. إنها مرحلة حاسمة في تاريخ مصر، ويجب أن يدرك المصريون أن أي خلل في نجاح الثورة، سيقود مصر لمصير مجهول، لا نتمناه لمصر، ولا يتمناه لها بالتأكيد أبناؤها الوطنيون.

 

Email