«نحن بني آدميين»

ت + ت - الحجم الطبيعي

كانت صرخة ذلك المواطن العربي من على شاشة إحدى القنوات الفضائية مدوية، حينما صرخ قائلا: "نحن بني آدميين؛ فأين العدالة الاجتماعية، يا حكام"، فبعض الأثرياء لديهم قصور وآخر موديلات السيارات وأفخم الطائرات الخاصة وعقارات في الداخل والخارج، فماذا عنا نحن البني آدميين أبناء البلد؟

كانت غصة تخرج من حلق ذلك المواطن الفقير وأمثاله من الشعب العربي، فبعض المسؤولين وكبار أصحاب الأموال العرب يعيشون في رغد العيش، ويأخذون أفضل المواقع لهم ولأبنائهم الذين ولدوا، وحتى للذين ما زالوا في عالم الغيب أو في أرحام أمهاتهم وأصلاب آبائهم، ويشبرون الأرض طولا وعرضا، بينما يضنون بها على الإنسان الفقير ابن البلد.

الأنظمة الاستبدادية وأتباعها والمنتفعون بها، يحتكرون كل شيء، بينما المواطن العادي يجره الفقر لأدنى حالة يأس، وثروات الاوطان تنفق في كل المجالات وبلا حدود، الا على مصالح الوطن وابنائه المطحونين بالجهل والفقر والمرض.

فلماذا تصر الحكومات العربية المستبدة على قهر مواطنيها؟ ولماذا لا تتخذ العدالة والمساواة بين جميع مواطنيها، طريقها ووسيلة لحكم الشعوب والوصول الى رضاها و تعزيز انتاجيتها، بدلا من احتكار ثروات البلاد وتبذيرها واقتصارها على فئة دون أخرى؟ أليس من حق كل مواطن عربي أن يحصل على المساواة في بلاده حسب القانون والنظام؟

الثورات العربية، أو ما يعرف بالربيع العربي، التي فجرها شباب اليوم، أتت بأشياء وستأتي بلا شك بأشياء أخرى, نأمل أن تكون لخير الشعوب، وتنهي تسلط بعض الحكام وأسرهم وكبار مسؤوليهم، الذين يفترض أنهم يؤدون مهمة وطنية لمرحلة معينة، ويجب أن يغادروا بعدها لتدور العجلة.

 فالمسؤولية ليست حكرا على فئة معينة، والعدالة وحدها هي التي تحصن الأنظمة وتحفظ الامن، وتجنب الحاكمين هزات وثورات كالتي هزت عرش بن علي ومبارك والقذافي، وآخرين ينتظرون قطار التغيير ليحملهم إما للمنفى أو تحت التراب.

اليوم آمنت الشعوب أن من يتقوقع في بيته بين عشش وكرفانات، ومنهم من يعيش حيا بين القبور يبحث عن منام له لن يجده أبدا، ومن يواصل الليل بالنهار من أجل تأمين حياة كريمة لأسرته لن تأتيه اختيارا، ولم يعد الانتظار مجديا، وأن الأمور يجب أن تؤخذ بالقوة، دون تردد، كونها حقوق شعوب، وليست حكرا على أنظمة وحكام.

فيكفي ما لاقته هذه الشعوب من قهر وإهانة من الحكومات. ففي تلك الدول آلاف من الباحثين عن وظائف وهم خريجو جامعات منذ سنوات، ولا توجد لدى تلك الحكومات خطط واضحة لحلحلة هذه المشكلة، أو تشريع واضح يؤكد إرادة الأنظمة لرفع رفاهية الشعوب.

إن الشعوب العربية باتت اليوم تنفض عنها غبار سنوات من السكوت والوهن، فقد حان وقت المحاسبة والمطالبة، ولن تجدي قوات الأمن ولا جيوش الأمم في إيقاف هدير موج الشعوب الفقيرة. وليس أمام الحاكمين وحكوماتهم إلا النظر للمواطن الفقير والبسيط، وتوفير العدالة الاجتماعية له ولأسرته لكي يعيشوا في كرامة إنسانية، وليس غبنا وظلما من الأنظمة السلطوية.

لقد قال المواطن وسيقول كلمته مهما دفع أو سيدفع من ثمن، حتى تتحقق العدالة الاجتماعية وينقشع الفساد والاستبداد.

Email