«النوى» مشروع إعلامي

ت + ت - الحجم الطبيعي

يوم الثلاثاء الفائت أعادني لسنوات الدراسة في قسم الاتصال الجماهيري في جامعة الإمارات العربية المتحدة، من خلال حفل توزيع جائزة النوى الإعلامية، التي ينظمها قسم الاتصال الجماهيري في الجامعة للعام الثاني. كان الحضور من الطلاب والطالبات ومن خريجي ودكاترة القسم، سواء الباقون في الجامعة أم الذين تركوها، والذين كانت لهم بصمات في حياتنا العملية والتعليمية. جمعتنا تلك القاعة وكلنا فرح باللقاء الذي أعادنا لذكريات الدراسة، ومواقف الطلاب مع الدكاترة، ومواقف الدكاترة مع بعض الطلاب.

جائزة النوى الإعلامية، بعد نجاحها في الجولة الأولى، من خلال مشاريع الطلبة في قسم الاتصال الجماهيري في الجامعة، جاءت دورة هذا العام لتشمل طلبة الإعلام في الجامعات والكليات الأخرى في دولة الإمارات، ويأمل منظمو المسابقة أن تتوسع لتشمل في السنوات المقبلة الوطن العربي كله. لا شك أن المشروع جاءت فكرته لدعم طلبة الإعلام والاتصال الجماهيري، ليبدعوا في بحر هذا القطاع المهم، والذي يقدم صورة أعمق عن الدولة التي ينتمي إليها.

فالإعلام اليوم قوة تفوق قوة السلاح أو الاقتصاد في التأثير على الرأي العام وتشكيل فكر الجماهير تجاه قضية أو قضايا محددة، تحددها الدولة أو يرى الشارع مهمة لإلقاء فلاشات الكاميرا وزومها عليها. الفضاء الإعلامي في دولة الإمارات، في ظل المخرجات الإعلامية المتعددة، يحتاج إلى دعم أكبر لاستيعاب خريجي الأقسام الإعلامية من المواطنين، وانخراطهم في المؤسسات الإعلامية.

وكما عبر أحد الزملاء، فإن الإعلام في الدول المتقدمة مثله مثل السياسة الخارجية للدولة في أهميته، وفي كثير من الأحيان يتبع الإعلام وزارة الخارجية، لدوره الكبير في توصيل رسالة الدولة للداخل والخارج. ولا شك أن العمل الإعلامي وصف بأنه مهنة البحث عن المتاعب، فالصحافي يلهث وراء الخبر، وليس الخبر هو الذي يبحث عن الإعلامي كما هو حال اليوم، والخبر الحقيقي "أن الرجل يعض كلباً، لا أن يعض الكلب رجلاً".

تخرجت من قسم الاتصال الجماهيري أعداد كبيرة، طوال السنوات الماضية من عمر جامعة الإمارات، وكان ذلك بفضل رؤية الأب الروحي للجامعة الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان الرئيس الأعلى للجامعة، الذي يقدم كل صغيرة وكبيرة بغية دعم هذا المحفل العلمي، سواء لقسم الاتصال الجماهيري أو غيره من الأقسام والكليات، لذلك هناك اليوم من طلبة هذا القسم دكاترة تخرجوا منه واليوم عادوا ليدرّسو فيه، وهناك من خريجي وخريجات القسم من سلك طريق العمل الإعلامي وباتوا رؤساء تحرير ورؤساء أقسام، ومنهم من يدير محطات إعلامية فضائية، فأصبحوا من قادة الإعلام في الدولة، وممن يشار له بالبنان في كتاباته وطلته على الشاشة الذهبية، يغرد كإعلامي قادر على مجاراة ما يدور حول مجتمعه وبيئته وعالمه الخارجي.

لكن لا يزال قسم الاتصال الجماهيري في جامعة الإمارات يحتاج إلى وقفة جادة، خاصة مع خريجيه من مواطني دولة الإمارات الذين يجب أن تحتضنهم المؤسسات الإعلامية، عبر استراتيجية وتكامل بين تلك المؤسسات والقسم في الجامعة، وأن يعطى الخريج فسحة للإبداع ليكون إعلامياً في وطنه، وأن يكون خريجو أقسام الإعلام في جامعات الدولة أحد أسس النماء الإعلامي، وأن تتغير الصورة وفق مرتكزات ورؤية حكيمة، من خلال جلسة يتبناها المجلس الوطني للإعلام. ولا شك أننا ندرك حرص معالي الشيخ حمدان بن مبارك آل نهيان وزير الأشغال العامة، رئيس المجلس الوطني للإعلام، على توطين القطاع الإعلامي، بخريجي الأقسام والكليات من الجامعات.

إن إعطاء الفرصة للمواطن الإماراتي في هذا القطاع، ليقدم دولته بما يعرف ويحس ويأمل، بات المحرك الأساس، خاصة وأننا نشاهد كفاءات مواطنة تعطي في هذا المجال. لذلك يجب ألا نلوم الخريج بقدر ما نلوم المؤسسات التي يجب أن يكون حرصها أكبر من حرص الخريج على الوظيفة، وأن تتقدم للإعلامي لجذبه إذا كانت بيئة الإعلام طاردة، عبر مزايا ورواتب حتى يتحقق التوطين في هذه المهنة، التي لا يدرك أهميتها إلا من يقدر دورها في الفضاء الإعلامي والسياسي.

Email