«هرمز» والمهمة المستحيلة

ت + ت - الحجم الطبيعي

مرة أخرى تعود منطقة الخليج وبخاصة مضيق هرمز، الممر العالمي لصادرات النفط الدولية، للواجهة الصدامية بين إيران وأميركا وبقية الدول الأوروبية. إيران يبدو أنها تحرق سياستها وجيوشها في حالة غامرت بإغلاق الممر المائي الدولي، ويدرك العالم أنها لن تجرؤ على ذلك ولكنها فقط تلاعب الغرب مثل «القط والفار».

ولا شك في أن إيران إذا أقدمت على مثل هذه المغامرة الطائشة فإنها تؤكد بهكذا أمر أنها تريد حرق المنطقة بدخول جيوش أخرى جديدة فوق مياه الخليج بعد الانسحاب الأميركي «الشكلي» من العراق، لتتمركز السفن والغواصات وحاملات الطائرات، ويبدأ فصل جديد من المهمة المستحيلة للصراع الجديد أو حرب عالمية ثالثة كما يتوقعها الكثيرون، وخاصة مع برنامج إيران النووي.

هذه المنطقة من العالم حسب تصريحات مسؤولين خليجيين وآراء خبراء دوليين لن تهدأ فيها الأوضاع، نظراً لأهميتها الاستراتيجية والاقتصادية، ووجود إيران في هذا المنطقة واقع تاريخي وجغرافي وتفاعلها مع أحداث المنطقة أمر تحتمه الظروف، وبالتالي لا يمكن إيقافه أو تغييره.

إذن النفط وإيران محوران هامان في أمن واستقرار منطقة الخليج، وإن وجودهما لن يعطي المنطقة حالة استقرار دائم، بل سيجعلها تعيش فوق بركان قد يثور مع أي حراك استفزازي سواء من الغرب الذي يؤمن مصالحه وتأمين مستقبله من النفط، أو إيران التي تبحث عن موطئ قدم في اللعبة الدولية التي تقوم بها أميركا والغرب عموماً ومعهما على الطرف الآخر إسرائيل.

الملف النووي الإيراني كان ولا يزال مثار جدل ومد وجذب بين الجمهورية الإسلامية ودول الغرب، رغم أنه قبل أيام أعلنت وكالة الطاقة الذرية أن إيران قامت بتخصيب اليورانيوم تحت إشرافها.

ولكن كل هذا لن يقلل من أهمية الدور الذي ستقوم به الدول الغربية كرد على هكذا أمر، لأن معنى ذلك أن إيران قادرة على صنع قنبلة نووية، وهو أمر يهدد أمن إسرائيل وبقية الدول المهيمنة على اقتصاديات العالم وسياسته.

ولا شك في أنه من الصعوبة بل يمثل مهمة مستحيلة أن تقوم إيران بإغلاق مضيق هرمز كونه ممراً دولياً ليس لإيران الحق في اتخاذ قراره منفردة. بل هناك دول جوار في الفضاء الجيوسياسي والجيوغرافي المحيط بإيران والمنطقة ككل، كما أنه من الصعب، وربما المستحيل قيام إيران بدور «شرطي» الخليج، ولن يسمح أحد لها بذلك، هذا في وقت بدأ يزداد فيه الخناق على إيران من جراء قرارات العقوبات المتتالية، التي تدعي طهران أنها لا تؤثر عليها، وهذا غير صحيح بالمرة، بل لهذه العقوبات تأثير كبير على السياسة الداخلية وعلى حالة الاستقرار في المجتمع الإيراني، وهو ما يلعب عليه الغرب وبخاصة أميركا، لكن إيران تدرك مدى خطورة ذلك على شعبها اقتصادياً، وخاصة تطبيق حظر النفط، وتجميد أموال إيران في الغرب.

لذا فإن الداخل الإيراني سيشكل بركاناً على سياسة صناعة القرار في إيران، وستتحمل الحكومة الإيرانية تبعات الضعف والغضب والغليان الداخلي وخاصة من قبل جيل الشباب، في ظل ثورات الربيع العربي التي يتوقع أن تصل إلى إيران في أية لحظة، وخاصة أن لها مقدمات واضحة منذ انتخابات الرئاسة الماضية هناك. وما التفجيرات الأخيرة التي شهدتها العاصمة طهران إلا بداية لحراك قد يفجر حالة من عدم الاستقرار في إيران.

لذا فإنه من الأهمية بمكان أن تعمل إيران على محاولة إمساك عصا اللعبة من المنتصف حتى لا تخسر دول الجوار من جانب وتخسر الشعب في الداخل، وحتى تتفادى المزيد من الضغوط والعقوبات التي لا يتحملها الاقتصاد الإيراني المنهك تماماً بسبب مسلسل العقوبات المستمر عليه منذ سنوات مضت.

Email