زايد وناصر نموذجان للقيادة

ت + ت - الحجم الطبيعي

هناك شخصيات في عالمنا العربي لن تنسى من ذاكرة المواطن العربي، لأنها أحبت شعوبها فأحبتها شعوبها.

تلك الشخصيات من القادة انحازت للإنسان البسيط، لتوفر له عيشاً كريماً، وحياة تعينه على شظف العيش. من تلك الشخصيات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ــ طيب الله ثراه ــ والرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر ــ رحمه الله.

حيث لاتزال الشعوب العربية تقف بإجلال لمواقفمها الشجاعة والإنسانية، ودورهما في نصرة الأمة العربية وتوحيد صفوفها، وحرصهما على التواجد قرب الإنسان العربي البسيط، والفارق بين الاثنين ليس في شخصهما ولا في بديليهما، بل في خَلَفهما، فقد خلف المغفور له الشيخ زايد في الإمارات من سار على دربه ونهجه فكان خير خلف لخير سلف، بينما خلف عبدالناصر في مصر من حادوا تماما عن دربه ونهجه ونسوا الشعب ومصالحه فلعنهم الشعب وثار عليهم.

المغفور له الشيخ زايد ــ رحمه الله ــ لايزال في ذاكرتنا كبارا وصغارا، الكل يذكره بعطاء يديه الذي امتد للقريب والبعيد، في الداخل والخارج. أنصف المرأة والطفل والمسن، والفقير قبل الغني، وامتدت رعايته وعطفه لتشمل النبات والحيوانات.

رجل أحبه الله، فأكرمه بحب شعبه والشعوب العربية والأجنبية معا، المسلمة وغير المسلمة. مشاريعه الإنسانية امتدت في الكثير من أرجاء العالم، أقامت مدنا وشقت انهارا وحفرت آبارا وسدت جوع أطفال ونساء وشيوخ وبشر كثيرين وحيوانات، وجاء من بعده أبناؤه الذين ساروا على دربه، وعلى رأسهم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، حفظه الله، فكان عوضا وعونا للمحتاجين والبسطاء.

أما عبدالناصر فمازالت صوره بعد وفاته معلقة في غرف وبيوت من كان يقف معهم وينصفهم من الفقراء والبسطاء، ومن أبناء العرب من المحيط إلى الخليج، فقد قدم دعما كبيرا للدول العربية وشعوبها، ونشر البعثات التعليمية، في وقت لم يكن لدى العرب نور العلم، وأعطى الفلاحين المصريين الفقراء المحرومين الأراضي ليفلحوها، وقدم لهم المال لإصلاح الأرض وتوفير لقمة العيش لهم ولأبنائهم ودعا العرب للوحدة ومقاومة الاستعمار.

إن من يأتي من بين الناس البسطاء ويعيش حياتهم اليومية آلامها وأفراحها، ثم يصل لإدارة الحكم في البلاد، لا ينسى ما يعانيه الناس، فكم من مرة طالب المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، التجار والأغنياء في الإمارات للتبرع لبناء المساجد والمدارس أو المساكن، وتقديم جزء مما أعطاهم الله من خير، ليتقاسموا ذلك مع الفقراء الذين حرموا من رغد العيش. إن إنصاف الحكام للفقراء، يكون عوناً لهم في أخراهم، ولا تمحى أعمالهم الخيرة من ذاكرة الشعوب، بل يتردد ذكر فضلهم والدعوات لهم جيلا بعد جيل.

يد المغفور له الشيخ زايد أعطت الكثير لذلك تتذكره الأجيال وسيظل كذلك في ذاكرتهم، أبد الدهر، ولن تنساه الأرض التي عمرها، وأسهم في نشر بساطها الأخضر وروى مزارع كانت أراضــيها صحــراء قاحلة، وأحــيا موروثات اندثــرت، وقــدم ما قدمه للعــالم، مــن شــرقه إلى غــربه، بحــب فعــل الخير لوجه الله وحــده، دون تذمــر أو كلل أو ملل، ودون أن ينتظر كلمــة إشادة من دولة أو رئيس. كان يعمل الخير للشعوب الفقيرة، لمساندتهم في محنتهم وليرفع عنهــم البلاء وقهر الحياة. وهكذا سيظل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ــ طيب الله ثراه ــ في وجدان كل إنسان عربي أو أجنبي، قريب أو بعيد.

إن ما يطلبه الفقراء والبسطاء العرب ألا ينساهم قادتهم، وإلا فما هي الأمانة التي يحملها الحاكم إذا ظل شعبه فقيرا، يبحث عن لقمة عيش أو مأوى.

نموذجان، مصر والإمارات حكمهما زعيمان عظيمان أحبا الشعب فأحبهم الشعب، لكن الفارق بينهما فيمن جاء بعدهما، ففي الإمارات جاء من سار على درب المغفور له الشيخ زايد ونهجه فحظي بحب الشعب، بينما في مصر العكس فحظي بغضب الشعب ولعنته.

Email