عبدالله بن زايد والسياسة الخارجية

ت + ت - الحجم الطبيعي

ليس لأنه زميل دراسة جامعية، لأكتب عنه في هذه الزاوية، بل لأنه بات اليوم مهــندس السياســة الخارجية في دولة الإمارات. إنه سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، نعم كنا زملاء دراسة على مقاعد جامعة الإمارات، فرغم أن تخصصه علوم سياسية، وشهادتي اتصال جماهيري من ذات الجامعة التي أدين لها بما حققته من علم أكاديمي، لكن هناك مقررات مشتركة بين السياسة والاتصال الجماهيري. ورغم أنه ابن الشيخ زايد بن سلطان ـ طيب الله ثراه ـ لكن كان حضوره متواصلاً في المحاضرات المقررة، وهو طالب امتياز بجدارة.

عرفته عن بعد ومن قرب، في الأولى من خلال نشاطه الإعلامي حينما تولى وزارة الإعلام والثقافة كوكيل لها، ومن ثم وزيراً، وخاصة حينما يحضر اجتماعات مجلس التعاون، وبعدها وزيراً للخارجية الإماراتية كسياسي أوصل صوت السياسة الخارجية الإماراتية لمصاف بلدان صناعة القرار في عالم اليوم.

ولا شك في أن سموه يقدر إشادات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، بالسياسة الخارجية في عدة مناسبات وطنية، وهي في ذات الوقت تحمله مسؤولية كبرى لمستقبل الأيام. كما كان لسموه دور كبير في استضافة دولة الإمارات مقر «إرينا» وهي الوكالة الدولية للطاقة المستدامة.

ويقوم سموه بدور كبير في إيصال كلمة الإمارات في المحافل الدولية، ويسهم بفاعلية في حلحلة عدة قضايا آسيوية وعربية وإفريقية ودولية. ويشارك سموه كمحرك نشط مع الدول الكبرى في وقف ومحاربة الإرهاب.

ولا شك في أنه تربى على يد المغفور له الشيخ زايد ـ طيب الله تربته ـ فكان سموه لصيقاً بوالده، وشرب من فكره الكثير مما عاضده ذلك في أن يكون سياسياً في عالم اليوم، بل أصغر وزير خارجية في العالم.

أما من قرب فحينما كنت على مقاعد الدراسة، تشرفت بإجراء أول لقاء مع سموه للمجلة الإعلاميــة لقسم الاتصال الجماهيري، وكشف سموه من خــلال ذلك اللقاء عن الكثير من فكــره وكيف يتعلم من فكر الفــريق أول ســمو الشــيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. كما كشف سموه خلال ذلك الحديث الذي مازلت لهذا اليوم احتفظ بنسخة من المجلة، ونشر بعدها في صفحات «الجامعة» عبر جريدة الخليج. وكان سبقاً صحفياً أن ينشر لسموه حديث في ذلك الوقت.

لذلك فإن شخصية سموه تمثل نتاج مراحل عدة خاضها بفكر نحو تبوؤ مكانة ليس كأي منصب، ولا شك كان ذلك عبر نظرة بعيدة وثاقبة محددة الهدف، فهكذا هم السياسيون الطامحون الذين يدركون ماذا يريدون من توجهاتهم لأنفسهم وبلادهم. وما يشد إعجابي بسموه أنه رجل طموح ولديه فكر واسع وأنه مقدام ومتحدث وصاحب فكر مميز.

الشيخ عبدالله بن زايد، شخص نهم للكتاب، وكان في أيام دراسته وهذا ما عرفته، وحسب ما قاله لي ذات مرة الدكتور حيدر بدوي، الأستاذ في قسم الاتصال الجماهيري آنذاك في جامعة الإمارات أن الشيخ عبدالله لم يسمع منه يوماً يقول احذف جزءاً من المادة المقررة، كما نفعل نحن في بعض الأحيان، للتخفيف عن كاهلنا مقررات دراسية، أو كما يطلب اليوم كثير من الطلبة، رغم أنه كان لديه مقرران دراسيان يتوجب أداء الاختبار فيهما.

ويسعى سموه اليوم لأن يقدم رؤية ثاقبة لمرحلة جديرة بأن تدار بفكر في زمن بات العالم يعيش على «كف عفريت» في ظل ما تخلفه سياسة بعض السياسيين، التي يغلب عليها منهج المصالح الخاصة. سمو الشيخ عبدالله اليوم نجم ساطع في سماء السياسة العالمية، ويسير وفق رؤية حكيمة، في تدبير سياسة خارجية متزنة، لتحقق للإمارات دعماً دولياً كبيراً في كل ما تسعى له.

Email