العراق.. رحيل محتل

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا شك كانت أسوأ تسع سنوات عاشها العراقيون في تاريخ بلاد الرافدين، بعد احتلال بلادهم من قبل الولايات المتحدة.

صور كثيرة تمر أمام مخيلتي، لدمار وخراب ونهب، وتعيين بريمر حاكماً على دولة مسلمة، ذات تاريخ وحضارة عظيمة، لكنهم «الأميركان» رحلوا أخيراً، إيذاناً بعهد جديد ينتظره الشعب العراقي المنهك اقتصاديا وتنموياً، وفكرياً وطائفياً.

آلاف العراقيين ذهبوا فداء لوطنهم، وقدموا أنفسهم سواء في تفجيرات طائفية أم في أثناء قيامهم بمهمات لتعجيل رحيل أميركا من بلادهم.

العراق اليوم كامل السيادة على أرضه وشعبه، بعد حياة دموية مهينة بلا شك للأجيال الماضية وحتى القادمة، وسيظل «المحتل» يدرس في كتب التاريخ للعراق.

وإذا كانوا كثر يتحدثون عن حرب طائفية في بلاد الرافدين بعد الرحيل الأميركي، فإننا نؤكد ان العراقيين قادرون على إدراك ان وطنهم اليوم بحاجة لالتفافة وطنية أكبر من أي وقت مضى، حتى يعيد العراق نفسه للتاريخ بعد ان عاش تسع سنوات أنهكت جسده المثقل من ويلات زمن عصيب، جعل العراق متأخراً ومتناحراً داخلياً، وهو ما يدركه العراقيون ليسابقوا الزمن لإعادة بلادهم لوضعه واعتباره قوة عربية مهمة في ظل ما تعيشه المنطقة العربية من تغير في خارطتها السياسية.

اليوم العراق يعيش في ظلام فهو بلد بلا كهرباء ولا بنية تحتية ولا بيئة تعليمية حقيقية، ولا خدمات صحية، ولا طرق أو موانئ ومطارات، وقطاع سياحي.

ويجب ان يدرك جيران العراق بأن أي استقرار في بلاد الرافدين هو استقرار لهم وللمنطقة عامة، وأي زعزعة داخل العراق يمثل زعزعة لدول الجوار.

ولكن يبدو ان العراقيين سيواجهون تحديات سياسية داخلية قد تسهم في خلخلة البنيان الداخلي للنظام السياسي، فبعد مذكرة اعتقال طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية، بات واضحاً ان العراق يسير نحو نفق مظلم جديد، بعد ان خرج من نفق الاحتلال الأميركي بعد تسع سنوات.

لذلك يجب على الشعب العراقي ان يقف موقفا صلبا تجاه من يلعب بأمن بلادهم واستقراره ولا يريد آمنا لهم.

يجب ان ينتفض العراقيون، ويبدأوا ربيعاً عربياً جديداً، لإخماد نار الفتنة، يجب ان يحاسب الشعب كبار المسؤولين عما قد تنزلق له بلادهم.

كما يجب ان يركز العراقيون على سرعة بناء الدولة وتنميتها، بعد ان خلف المحتل، بلداً مختلفاً في كل شيء، وأسهم في إعادته للوراء لسنوات، بل لعقود.

العمل اليوم يجب ان يبدأ لإعادة الأمن، وإعطاء حقوق الإنسان أهمية كبيرة، من خلال بناء اجتماعي، وتعويض العراقيين عما جرى لهم طوال تسع سنوات من الحرب المحتلة والغزو غير الأخلاقي ولا الإنساني، خاصة وأننا في القرن الحادي والعشرين.

العراقيون اليوم مطالبون بالوقوف صفاً صلداً أمام كل من يحاول المساس بحياتهم، سواء من الداخل لمصالح ذاتية وطائفية، أو حتى من الخارج الذين لا يريدون للعراق ان يعود لدوره في الساحة العربية والدولية، يريدون عراقاً مشتتاً، بلا أمن ولا استقرار، لكن على العراقيين ان يسدوا الخلل في صفوفهم، ويبدأوا مرحلة جديدة من الدولة العراقية، تكون جديرة بقيادة البلاد لانتعاش سياسي واقتصادي وتنموي واجتماعي، وهذا الأهم للعراق بعد ان دمره الأميركان طوال السنوات التسع الماضية، فلا جيش كما كان، ولا بنى تحتية، ولا حياة استقرار للإنسان كما كانت.

ومهما حجبت الشمس أشعتها، عن العراق لفترة ما، لكن ستشرق بأمل جديد، يكون نورها بروح إنسان العراق الأصيل والمحب لبلده وأهله.

 

Email