دبي ومثالية التجربة

ت + ت - الحجم الطبيعي

النمو التنموي الذي تشهده دبي مثار إعجاب ليس لدى دول الجوار في منطقة الخليج فحسب، بل تعدى ذلك حتى غدا مثالاً يضرب بدبي كنموذج بارز في نهجها للتنمية المتكاملة.

دبي، خطت تجربتها من خلال باب التجارة الذي يعد مفتاحاً كبيراً يعزز بقية القطاعات الأخرى. فكانت البداية في الماضي مع تجارة اللؤلؤ وتلك «المحامل» التي ترفع أشرعتها وهي تشق عباب بحار العالم، لتتبادل التجارة بين الشمال والجنوب، ومع غرب العالم بشرقه.

كثيرون من يحط رحالهم في دبي ينبهرون بتفوقها تخطيطاً وعمراناً، وسعة قلبها الرحب بالملايين من مختلف جنسيات العالم، ونموها العمراني واكتمال بنيتها الأساسية من جسور وأنفاق وطرق مواصلات لا مثيل لها على مستوى الوطن العربي، وكذلك قطاع فندقي كبير بات مرتكزاً ودافعاً للنمو السياحي، ومراكز تجارية ترفيهية عملاقة لتجارة التجزئة، وموانئ تدار بأحدث الأساليب والتقنيات العالمية وبفكر تشغيلي متميز يفوق الوصف، وميدان عالمي للخيول وملاعب غولف على أحدث المستويات العالمية.

كل هذا التقدم والعمران لم تنس فيه قيادة دبي النماء البشري، فحققت نهجها للتنمية البشرية عبر مرتكزات تنمي الفكر القيادي الوطني، فتعدد وتميز القيادات المواطنة في المؤسسات دليل نجاح للنهج الحكيم لحاكم دبي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. في حين في الكثير من دولنا العربية، لا تساهم الدولة كما يجب في إثراء فكر القيادات الشابة المواطنة، إلا إذا كانت هذه القيادات قريبة من السلطة وقمة الهرم، بينما دبي التي لا تعرف الوسائط والمحسوبيات خلقت قيادات شابة، ساهمت في جعل الإمارة واحدة من المدن العالمية، التي يضرب بها المثل في التنمية في كافة نواحيها.

اليوم دبي تتنافس مع مدن عالمية كبيرة لاستضافة حدث عالمي وهو «معرض أكسبو الدولي 2020» وهو الحدث الثقافي الفني الكبير، الذي تتسابق على استضافته دول كبيرة في مختلف أنحاء العالم، وقد تتنافس دبي مع تايلاند وتركيا والبرازيل، لاحتضان هذا المعرض العالمي. وبلا شك فإن دبي قادرة على تنظيم هذا المعرض الذي سيشكل فارقة كبيرة في عالمية دبي وتخطي الكثير من الخطوات التي ستجعل من دبي منافساً قوياً على المستوى العالمي.

لذلك نرى ونشاهد بأعيننا دبي الإمارة الصغيرة في مساحتها، والتي تربض بين صحراء قاحلة وشاطئ بحر ممتد تحول تلك الصحراء إلى بناء تنموي واتصال مع العالم الخارجي، بينما غدا بحرها نهراً يتدفق خيراً على دبي، وعلى جيرانها وبقية العالم بين شرقه وغربه. حينما حلت الأزمة العالمية، وبلغت تداعياتها دبي، كجزء من العالم، الذي يؤثر ويتأثر، قال من قال عن دبي حقداً وحسداً وربما شماتة، لكن دبي أثبتت للجميع قدراتها على الصمود ومواجهة الأزمة التي جرت سريعاً، وتحولت في دبي إلى ماض، بل كانت خطوة لها لأن يبزغ فجرها من جديد. فدشنت خطوط المترو العملاقة، وبرج خليفة، وشهدنا قطاع طيران الإمارات، يعقد صفقات عالمية، لا تزال مثار دهشة كل العالم.

إن التنمية في دبي اليوم، مكتملة البناء، والكل شاهد على ذلك، بل حتى أنها تجاوزت العديد من الدول المتقدمة في بنيتها التحتية، وصارت دبي عنواناً مثالياً، وتجربة يجب ان تدرس في مناهج التنمية في مرحلة يتطلب فيها من الدول العربية، ان تنهض بتنميتها كحال تجربة دبي المتسارعة.

على الدول العربية، وخاصة منها المتسلطة في إدارة شعوبها، والمتخلفة تنموياً، ان تأخذ دبي مثالاً لها في توفير بناء تنموي أساسه الإنسان، حتى تكون التنمية للإنسان أيضاً.

Email