نحو إعادة لصياغة برامج التنمية

ت + ت - الحجم الطبيعي

في اجتماعهم في أبوظبي مؤخرا « دعا وزراء الشؤون الاجتماعية بدول المجلس، لإعادة صياغة القوانين والتشريعات» ورغم أن الدعوة تركزت على فئة الإعاقة، لكن يمكننا ان نشملها لتغطي كافة الأمور التي ترفع من مستوى حياة الرفاهية لإنسان الخليج. وتأمين عيش كريم حتى تسير صيرورة مسيرة التنمية بمرتكزاتها ويكون الإنسان الهدف الأسمى والمبتغى لأي خطة أو استراتيجية.

فإحصائيات الفقر في دول الخليج تعطي مؤشرات غير جيدة للتنمية البشرية على وجه التحديد، ففي السعودية نسبة الفقر حوالي 22%، وهي دولة غنية بالنفط، أي خمس السكان، وفي البحرين 12 % اعتمادا على عدد الأسر التي تتلقى مساعدات اجتماعي.

وفي قطر 40 % من هم من الدخل المتوسط، وفي سلطنة عمان هناك حوالي 60 ألفا و410 حالات تتقاضى الضمان الاجتماعي.

وهناك حوالي 7 ملايين شخص سيبحثون عن فرص وظيفية في دول الخليج الست في العقد القادم. مما يشكل عقبة كبيرة أمام التخطيط الاقتصادي لدول المنطقة، بل تحديا يجب ان تسارع هذه الدول لإيجاد حلول حتى تسهم تلك الخطط لتوفير فرص للمخرجات التعليمية العالية سنويا.

إن سعي دول الخليج لتعديل قوانين وتشريعات برامجها التنموية هو أمر في غاية الحيوية، حتى يكون العنصر البشري أساس أي تنمية، كما يدعي المخططون التنمويون،فتعمير الأرض لا يجب ان يشكل فجوة عن تعمير الإنسان في حد ذاته.

ولا شك ان القمة الخليجية المقبلة التي ستعقد في ضيافة المملكة العربية السعودية، عليها تدارك مسألة التحديات التنموية البشرية، وان يتم تسارع وتيرة العمل بشكل أكبر مما هو يجري حاليا، ويكفي أبناء الخليج انتظارا طويلا لتسريع قوانين التكامل بين دول المنطقة.

فالبرامج التنموية حينما تشرّع، يجب ان تنظر بجدية في حالة سوق العمل في المنطقة، وحاجة كل دولة من الأيدي العاملة، وان يتم تبادل حركة العاملين من أبناء الخليج، للعمل في الدول التي لديها نقص في بعض الوظائف، لسدها من الخليجيين في الدول الأخرى التي لديها فوائض بشرية، حتى لا تزداد نسب البطالة بين الخليجيين، لتصبح هاجسا للأفراد قبل الحكومات. خاصة ان العمالة الأجنبية تشكل في بعض الدول الخليجية ثلثي العاملين فيها، مما يصعب على تلك الحكومات ايجاد وظائف لمواطنيها الباحثين عن عمل.

فهل سنرى تعاطيا جديدا من الحكومات الخليجية، لإعادة صياغة قوانين وبرامج التنمية البشرية، التي في الأساس يجب ان تنظر للإنسان كأساس لأي خطة قادمة؟.

لذلك فإن خطط التنمية وخاصة تنمية الإنسان تحتاج إلى مرتكزات وبرمجة جديدة تتواكب ومستجدات الواقع الحالي الذي تعيشه الدول العربية. واقع يفرض نفسه بقوة في ظل متغيرات جيوسياسية وقد تصل لديموغرافية لتشكل خارطة جغرافية جديدة للمنطقة.

فقد رحل من رحل من القادة العرب، ولكن بقى الإنسان بشتى حالاته فقيرا غنيا أو أين كان، ففي النهاية هو من يبقى ويرحل الآخرون.

كثير من الخطط التنموية اليوم يجب ان تخضع لإعادة نظر في طرحها ونهج سيرها، ولا شك ان بعضها حقق نجاحات ولكن عربيا وبشكل عام تناسى الانسان العربي بكياناته وتفكيره وحقوقه التي هي أساس كل شيء. لا يعني توفير وظيفة أو منزل شعبي أنك أشبعت حاجاته، الشعوب اليوم باتت مطالبها أكبر من كل هذا رغم أهميتها كأساس حياتي، لكن المطالب تجاوزت فكر الحكومات، وأصبح اليوم وقت محاسبة وتوفير عيش الرفاه الذي يليق بالذات الإنسانية.

 

Email