في انتظار الرقم 194

ت + ت - الحجم الطبيعي

ينتظر العالم رقم الحظ لليانصيب الذي ستكشف عنه الأمم المتحدة، وما إذا كانت ستفوز به دولة فلسطين أم أن الولادة لا تزال متعسرة، في ظل رفض أميركا تسهيل المهمة بسبب الرضوخ لإسرائيل.

حقاً موقف صعب جداً، أن تنتظر اعترافاً من منظمة غير قادرة على منح السيادة لدولة ذات تاريخ، هي أصلاً أقدم من منظمة الأمم المتحدة التي أنشئت في العام 1945. "ومن 1919 إلى 1945 كانت توجد منظمة شبيهة بمنظمة الأمم المتحدة تدعى عصبة الأمم، إلا أنها فشلت في مهامها، خصوصاً بعد قيام الحرب العالمية الثانية، ما أدى إلى نشوء الأمم المتحدة بعد انتصار الحلفاء وإلغاء عصبة الأمم.

وعضوية الأمم المتحدة مفتوحة أمام كل الدول المحبة للسلام، التي تقبل التزامات ميثاق الأمم المتحدة وحكمها"، هذا حسب النظام، أن تقبل الدولة المحبة للسلام. ولكن وضع الدولة الفلسطينية في ظل الاحتلال الإسرائيلي، جعل منها دولة غير محبة للسلام وبلا اسم أو لقب الدولة، رغم أنها محتلة، أي تم الغزو عليها والاستيلاء على أراضيها ومسخ هويتها الإسلامية والعربية.

اليوم إسرائيل لا تريد القرار الأحادي من الدولة الفلسطينية، ولكن تريد أولًا موافقة أميركا وإسرائيل على الحدود التي تريدها هذه وتلك. ورغم طريق السراب للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، بالرعاية الأميركية، وهو ما لم يتحقق منه ما يطمح له الفلسطينيون.

وهو حدود 1967، وحسب ما تسير عليه المفاوضات. وبعد توجه محمود عباس (أبو مازن) لمقر المنظمة طالباً الدعم الدولي لإعلان الدولة رقم 194، لا يزال الوضع قاتماً طالما السياسة العربية تخضع للهيمنة الأميركية وتنقاد للسكوت على الجرم الإسرائيلي تجاه المواطنين الفلسطينيين العزل، سوى قدرتهم على رمي "حصاة" تجاه مجند إسرائيلي، وهو ما يشكل لإسرائيل حالة من الضعف الأمني.

قالوا أثناء مفاوضات أوسلو وما بعدها، الأرض مقابل السلام، واليوم يبدو واضحاً أن إسرائيل لا تريد السلام لتمنح الأرض، بل هي تزداد عدواناً تجاه الشعب الفلسطيني، بقيامها ببناء مستوطنات آخرها إعلانها بناء 1100 وحدة استيطانية إسرائيلية بعد ذهاب عباس لمنظمة الأمم المتحدة.

وهذا قمة التحدي وعدم مراعاة إسرائيل للمجتمع الدولي ومطالباته بإعلان الرقم 194 للدولة الفلسطينية، التي تنتظر مخاضاً عسيراً بعد تحويل مجلس الأمن ملفها للتدارس من قبل لجنة الحقوقيين. إنها مماطلة لا غير، فمجلس الأمن غير قادر على اتخاذ القرار لأن أميركا "المستبدة" وإسرائيل المتمردة والمدللة لأميركا، لا تسمحان بذلك المرور.

وتطالب أميركا الفلسطينيين بالعودة لطاولة المفاوضات، ولكن لماذا يعود الفلسطينيون لتلك الطاولة غير المجدية، بعد سنوات طويلة من الجلسات والاجتماعات المعلنة أو المغلقة أو حتى السرية؟

هل لدى أميركا جدول ما ونقاط محددة للسير في المفاوضات، أم هي مجرد حالة إجبار وفرض القوة على الفلسطينيين، وآخرها قرار منع منح الفلسطينيين 200 مليون دولار لبناء مؤسسات الدولة المنتظرة؟ هل هذه هي سياسة أميركا الراعية للسلام، أم هي سياسة الكيل بمكيالين التي تمارسها؟!

ورغم أننا نحن العرب والمسلمين عموماً، كنا مستبشرين خيراً بوصول باراك حسين أوباما للرئاسة، أولًا كرجل أسود قد يحس بمعاناة شعب هو وأبناء جلدته مضطهدون للونهم، وثانياً، لأنه من أب مسلم. لكن فوجئنا بارتدائه القلنسوة اليهودية، ليؤكد ولاءه وخضوعه للوبي الإسرائيلي، وهو الآن، وعلى حساب الشعب الفلسطيني الأعزل، يريد مواصلة رئاسته للدولة العظمى لفترة ثانية.

لكن، الأرجح أنه سيسقط ولن يعود رئيساً مرة أخرى، لأن اليهود لا يريدون نسب ختام مفاوضات السلام لشخص أسود أولًا، رغم أنه نال جائزة نوبل للسلام عام 2009، وثانياً، لأنهم سيحاولون إثبات أن الدولة رقم 194 لن تكون من نصيب فلسطين، وهو أمر يعرفه الفلسطينيون.

Email