ضدّ الصوم.. مع الصومال

ت + ت - الحجم الطبيعي

أسلم روحك..

عظمك ولحمك أصبحا أوهن من أن يحملا روحاً في شهرها السابع.

أسلم روحك.. لا حليب في صدر أمّك يعيدك شوقاً إليه، ولم يسعفك العمر بسنّ تمضع بها الهواء، فابتلع بعينيك اللاشيء شراهة ودهشة بهذا العالم الذي لم يمنحك ما تصنع به حتى دمعة واحدة!

أسلم روحك.. اختفاء وجهك الجافّ من الصحف احتفاء لمن لم تتورد خدودهم من الخجل، وإنما تورمت من الشبع والجشع.

أسلم روحك..

ولدتك الأقدار الآن؟ أم حطمت بقدميك الطريتين جداراً لتخرج من ظلمة إلى نور دامس، بلون صومالك التي لا تتلون إلا بالجوع والعطش؟..

صومالك من صَوْم.. وصَوْمك من رُغْم..

أم أنك رغبت عن سنة نبيك الذي كان يصوم ويفطر؟!

صومالك من صَوْم..

وللصائم فرحتان.. لا فرحة لك بأن تفطر.. فرحتاك بلقاء ربك!

صومالك من صوم.. فلا تجهر بالنية، شهادة ميلادك تكفي.

واختلط عليك.. قال «تسحروا ففي السحور بركة».. لم يقل «تصحروا».

قضيت جوعا.. أم ما زلت تنتظر طرود الإغاثة.. وما زالوا يبحثون صنف الحفاظات، لم ينتبهوا أن بطنك الفارغة جعلتك أنبل من أن تتبول على أحد.

قضيت جوعا.. أم ما زلت تلوم بني جنسك..

أرادوا أن يعلموك قيماً.. «ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان».

قضيت جوعا.. أم ما زلت تبكي بني لغتك..

يجهدون أن يقوِّموا فيك «عَ وَ جَ» اللسان قبل أن تلثغ بالكلام، وأن يلقنوك أن «جَ وَ عَ» و«وَ جَ عَ» من لغة واحدة.

قضيت جوعاً.. أم ما زلت تدعي أن بني دينك أخرجوك عن دينك..

هم يعلمونك عبادة الصيام قبل الفطام.. «صوموا تصحوا»..

... ...

تأخروا؟! ..

ستأتيك المعونة.. في وقتها.. لا في وقتك.. ستأتيك لتساعد على إبقاء جوعك، بعد أن يهمل زرّاعُك أرضهم فداءً للمعونة.

ستأتيك بعد أن يحسب زرّاع الإقطاع فائض قمحهم، ليرموه لأفواه الجوع في صومالك كي يحفظوا سعر زرعهم.

ستأتيك في برامج دمك مقابل الغذاء، وكرامتك مقابل الماء، وحريتك مقابل أن تتنفس.

ستأتيك المعونة رغماً، حتى لو كنت مصرّاً على صَوْمك وصومالك، ورفضت قمحهم ومنّتهم وسياسة احتيالهم واغتيالهم لمستقبلك، بخبزهم المسموم.

لا تمت صوما.. فأنا ضدّ صومك..

ما زلت رضيعا، ولا فرض عليك!

لا تشقَ بصومالك.. افتح فمك لغوثهم.. لن يلومك أحد!

جميعنا، من المحيط إلى المحيط، طمرنا أنهارنا وأحرقنا قمحنا، قربانا لثعبان قادم من البحر..

وجميعنا نصوم ادعاء مع صومالك، ونفطر ونتسحر.. معونة وإغاثة!

Email