استناداً إلى مؤشرات النصف الأول من العام الحالي تمكن اقتصاد الإمارات من التخلص من الانعكاسات السلبية لتداعيات الأزمة المالية العالمية وحول المحن إلى منح، ولا يخفى على أحد أن الإجراءات السريعة التي اتخذتها الحكومة وتضمنت إعادة هيكلة بعض الشركات ساهمت بشكل كبير في تسريع عملية التعافي. وعلى الرغم من التقارير الغربية المغرضة والتي تنبأت بعدم خروج اقتصاد الإمارات من محنته قبل خمسة سنوات، ها هي اليوم تغير من توجهها وتؤكد قوة ومتانة وتنوع اقتصاد الإمارات بعد أن اطلعت على أرقام أرباح الشركات ونسب النمو والإقبال الكبير من المستثمرين في العالم.

وفي الوقت التي تعاني أوروبا من أزمة ديون اليونان وانتقال عدوى الأزمة إلى إيطاليا والبرتغال واحتمال انتقالها إلى اسبانيا، أثقلت الديون كاهل أميركا بعد أن بلغ سقفها 14.3 تريليون دولار، بالإضافة إلى الأحداث الأخيرة التي ألمت ببعض الدول العربية، يبحث المستثمرون عن مكان آمن لضخ أموالهم، وتعتبر الإمارات واحدة من أهم الدول المرشحة لاستقطاب المستثمرين لما تتمتع به من بنية تحتية وتشريعات تلائم توجهاتهم.

ومنذ بداية العام الجاري تركز وسائل الإعلام العالمية على قوة ومتانة اقتصاد الإمارات وموقعها التجاري المميز وبنيتها التحتية الجاهزة لاستقبال أعداد كبيرة من المستثمرين العرب والأجانب، وفي أحدث هذه التقارير احتلّت الإمارات المركز الخامس عالمياً والأول شرق أوسطياً ضمن مؤشر ثقة المستهلكين الذي أصدرته شركة « نيلسن» للأبحاث خلال الربع الثاني 2011 وشمل 56 دولة. كما حصلت الإمارات على 110 نقاط، بزيادة قدرها تسعة نقاط عن الربع نفسه من العام الماضي، لتتفوق بتسع عشرة نقطة على المتوسط العالمي الذي بلغ 89 نقطة.

أما مجلة تايم الأميركية فقد أشارت إلى أن الثروة التي تنعم بها الإمارات جنبتها الضغوط الاقتصادية التي تعرضت لها دول المنطقة الأخرى. فالدولة تعتبر واحدة من أعلى دخول الفرد في العالم، مضيفة أن الاحتياطيات الحكومية قادرة على تلبية حاجات المواطنين، بما فيها السكن، والرعاية الصحية، والتعليم المجاني، والمساعدات الأخرى المتعلقة بالطاقة.

ومن التايم إلى محطة بي بي سي التلفزيونية التي عرضت تقريرا عن التنوع الاقتصادي في الإمارات والذي أشار إلى أن الدولة تعتبر من بين الدول الأكبر إنفاقا في المنطقة على التنمية الاقتصادية. وتحدثت المحطة في تقريرها عن حسنات مدينة « مصدر» المستدامة والخالية من الكربون.

وفي مقال مجلة فوربس تحت عنوان « دبي.. الوجهة الآمنة»، تضمن المؤشرات التي تؤكد أن دبي بدأت تعود إلى سابق عهدها. وراحت تستقطب أعدادا غفيرة من الناس، لا سيما بعد الأحداث التي تحيط بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. مضيفة أن دبي اليافعة التي لا يزيد عدد سكانها عن المليوني نسمة، تعتبر الآن وجهة آمنة لكثير من العائلات في عموم منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الباحثة عن الأمن والاستقرار.

وفي مؤشر«سي بي ريتشارد أليس» أكبر شركة للخدمات العقارية في العالم وفقاً لتقرير البصمة التجارية للأعمال تفوقت دبي على عدة مدن عالمية مثل باريس ونيويورك وميلانو كأهم موقع تجاري للأعمال في العالم. ويقوم التقرير الذي يعتبر الأول من نوعه بدراسة البصمة التجارية العالمية لـ 280 شركة دولية كبرى في 232 مدينة مختلفة في 1001 بلد.

كل هذه التقارير والمؤشرات العالمية تؤكد أن مرحلة التعافي من الأزمة والنمو الاقتصادي في الإمارات قد بدأت وبدأ معها توافد المستثمرين من شتى بقاع الأرض بحثاً عن نسب نمو أكبر لرؤوس أموالهم.

لكن يبقى السؤال هل تعلمنا من الأزمة الماضية؟ وهل سنسمح لبعض رؤوس الأموال المضاربة في السوق العقاري كما حدث قبل الأزمة؟.