ساركوزي وكارلا.. في زوبعة (كان)

ت + ت - الحجم الطبيعي

نيكولاي ساركوزي وكارلا بروني، زوجان مثيران في عيون المخرجين السينمائيين، وهذا ما دفع كل من الفرنسي اكزافييه ديوريجر والأميركي وودي ألن إلى إدخالهما في عوالمهما السينمائية. يبدو أن السينما تفتح جبهات جديدة مع الرئيس الفرنسي ساركوزي، وهو مقبل على انتخابات عام 2012 وسط مؤشرات استطلاعات الرأي حيث يمنحه 20 في المئة من الفرنسيين ثقتهم، وهذا أدنى مستوى لها حسب (تي أن إس سوفريس.

. والمثير هنا فيلم(لاكونكيت) الذي كتبه المؤرخ الفرنسي باتريك روتمان الذي يكشف الكثير من الحكايات الخاصة بحياة ساركوزي السياسية والاجتماعية والشخصية، وهذا ما دفعه إلى التأكيد على عدم رغبته في مشاهدة الفيلم من اجل (الحفاظ على صحته الذهنية)، لأن (النرجسية المفرطة تصيب بالجنون). وربما نتساءل: لم إذا لا يرغب الرئيس الفرنسي بمشاهدة فيلم عنه؟ ولم إذا لا يقرأ ما يكتب عنه؟ ولم إذا لا يرضى عن كل ذلك؟

وسط قيم الديمقراطية وحرية الإبداع في فرنسا، لم تطرأ في بال الرئيس أن يشاهد الفيلم قبل عرضه للجمهور، ويجري عليه التعديلات اللازمة لكي يتفق مع مزاجه ورؤيته! وهنا ربما نتذكر كيف أن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين شاهد فيلم (الأيام الطويلة) الذي استوحاه المخرج المصري المعروف توفيق صالح عن سيرته الذاتية، .

ولم يعرضه للجمهور إلا عندما هّز (السيد الرئيس) رأسه بالموافقة على صورة البطل الوطني والقومي! وهذا ما لم يفعله ساركوزي ولا يمكن أن يفعله أي رئيس فرنسي آخر لأن تقاليد الديمقراطية وحرية التعبير لا تسمح بذلك، وشتّان ما بين الحالتين.

المثير في الفيلم هو التعرض لحياة ساركوزي الشخصية، وتفاصيلها الذاتية الصرفة، وهذا ما لا يحدث في الأفلام الانجلوساكسونية التي تروي سير شخصيات سياسية لا تزال على قيد الحياة، مثل أفلام: ستيفن فريرز حول توني بلير أو غوردون براون.

: هي لا تتطرق إلى الحياة الخاصة كما هو الحال في فرنسا. وساركوزي هو من هواة السينما وذو ذوق انتقائي في اختيار مشاهدة الأفلام إذ يشاهد ما بين 150 و180 فيلما سنويا، بينها أفلام جان فيغو، ودي كابرا ودريير وماركس براذرز حسب تصريحه الأخير.

الكل يتوق لمشاهدة هذا الفيلم من الفرنسيين وغيرهم لأن حياة الزوجين صاخبة ومثيرة وساخنة، عرفت تقلبات جذرية معروفة، تصلحان للمعالجة السينمائية، لإشكالياتهما لأنه أول رئيس فرنسي يطلق زوجته وهو في منصبه الرئاسي، ويتزوج من عارضة أزياء ومغنية سابقة.

. وهذا ما أمّد سيرتهما بنوع من الإثارة والصخب والتقلب ما جعل حياتهما مادة درامية هامة لو عرف المخرجون كيف يستثمرون أبعادها الجدلية، في المزج بين الحقيقة والخيال، بعيداً عن الروح (الفضائحية) المسيئة!

السياسة، والمرأة والسلطة.. موضوعات أساسية اعتاد البريطانيون أن يشاهدونها على مسارحهم منذ مسرحيات شكسبير وتراجيدياته اليونانية وحتى الوقت الحاضر. ولكن هذه التجربة أي تقديم رجال السياسية بأسلوب المزج بين الحقيقة والخيال، نكهة جديدة على الفرنسيين، ربما لأنهم لا يمتلكون شخصية مثل هاملت ولا ريتشارد قلب الأسد أو سواهما.

. إضافة إلى أن المناخ الأخلاقي الفرنسي مشّبع بثقافة البحر الأبيض المتوسط، ومزاجيته المعروفة في حب الإشاعات والانخراط في تغذيتها في الوعي الشعبي لكثرة انتشار المقاهي وغيرها.

لا تزال حياة البطلين السينمائيين: ساركوزي وكارلا بروني مادة دسمة بالنسبة لمختلف وسائل الإعلام، بعد أن احتل عشقه صدارة عناوين الصحف العالمية، وأثار جدلاً واسعاً، لأن البعض يرى أنه يستخدم حياته الخاصة ويوظفها إعلامياً، بهدف تحقيق مآرب عامة!

على أية حال، إن حياة الرئيس الشخصية في فرنسا لا توثر في مجريات السياسة كما هو الحال في الولايات المتحدة وبريطانيا، لذلك سيمّر الفيلمان مرور الكرام بعد أن تهدأ زوبعة (كان).

Email