إن دولة الإمارات العربية المتحدة، ومنذ بدايتها في ديسمبر 1971، وبرغم كل أنواع التحديات السياسية والاقتصادية والاستراتيجية التي جابهتها، بدأت تخطط جيداً لتعليم مستنير يأخذ أحدث ما في العصر من مناهج ضمن إطار استراتيجية واضحة وشاملة هدفها بناء الإنسان.
ومن المؤشرات التي تثير الانتباه، انخراط نحو 000, 34 طالب إماراتي منذ عام 2007 في المنظومة التعليمية من مستوى الدبلوم إلى البكالوريوس إلى غيرها من برامج التخرج على مستوى التعليم العالي، والتي تتكفل الدولة مالياً وإدارياً بتنفيذها.
كما أن دولة الإمارات تتميز بأن لديها أكبر عدد من الخريجين للمرحلة الثانوية بين دول مجلس التعاون الخليجي، بما يمثل أكثر من 76 في المئة من مجموع الإناث و77 في المئة من مجموع الذكور.
والذي يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك في الاستثمار الحيوي للدولة في حقل التعليم، هو إنفاق نحو 4,6 مليارات درهم لعام 2011، وبلغت قيمة تكلفة البعثات الخارجية للتعليم نحو 395 مليون دولار.
يضاف إلى ما سبق التطوير المستمر في التعليم بمختلف مراحله ومستوياته، لمواكبة التطورات العالمية، والتعرف على المبادرات التعليمية والعلمية والبحثية العالمية بصورة تنتهي إلى بناء منظومة تعليمية وعلمية متميزة ومتفوقة ومستقلة.
لقد تبنت الدولة استراتيجية جديدة للتعليم (2010-2020) جرى إعلانها في فبراير 2010، تحمل رؤى المستقبل، وتسعى إلى تحقيق الأهداف المنشودة من تخريج طالب قادر على استيعاب أحدث علوم العصر، يشارك في الإبداع والابتكار والتطوير، والوصول إلى مستقبل علمي وتعليمي أفضل يغطي فئات المعلمين والمتعلمين معاً.
لذلك حدثت نقلات نوعية متميزة في بناء المناهج التعليمية والتركيز على الجانب التطبيقي منها الذي يساعد على إعمال الفكر وتطوير القدرات، وتم إصدار جملة من القرارات المهمة مثل إلغاء سنة الأساس في الجامعات ودمجها في العملية التعليمية، وتطوير مهارات اللغة العربية، وتشجيع استخدام التقنيات الحديثة في كل مفاصل العملية التعليمية والبحثية.
ومن المهم أن نتذكر أن الدولة لم تُغفل في استراتيجيتها التعليمية الجديدة مسألة إعادة هيكلة رياض الأطفال باعتبارهم اللبنة الأولى للمجتمع .
وضمن الإطار التدريسي الذي يشكل النصف الآخر من العملية التدريسية، تناولت الاستراتيجية الجديدة مسألة تنمية نظام استقطاب هيئات التدريس كي تضم أفضل الكفاءات، خاصة من المواطنين الذين أكملوا مسيرتهم التعليمية والعلمية والبحثية في مختلف مجالات العلوم الإنسانية.
وصدرت التشريعات والأنظمة المناسبة التي تراقب وتحتضن وترعى كل عنصر من عناصر المنظومة التعليمية من أجل التوصل لمقاييس واضحة ومميزة للجودة في التعليم والبحث العلمي، مع التأكيد على أهمية توطين التعليم بحيث يتحمل المواطنون مسؤولية تعليم الأجيال القادمة، فهذا هو الطريق الوحيد لبناء عقلية المواطن وفكره.
ترى دولة الإمارات أن التعليم حق لكل مواطن ومواطنة يماثل الحق في الحياة، فالتعليم وحده هو الطريق الصحيح نحو المستقبل، وهو الضمانة للسلوك القويم، وهو العصمة من الانحراف، فالعلم يمنح صاحبه الفرصة ليتقدم الصفوف ويمتلك زمام المبادرة في صنع المستقبل.
لقد حرصت دولة الإمارات على النهوض بالتعليم العام والخاص من خلال تطوير كل عناصر المنظومة الإدارية والفنية، والاستفادة من الخبرات الأجنبية لأفضل الدول في مجال التعليم، وقدمت التسهيلات والدعم المادي لكبرى الجامعات لتأخذ مكانها داخل الدولة ويصبح مبدأ العلم للجميع وفي متناول أي مواطن حقيقة واقعة.