أيديولوجيا عبر الأناقة والبلاغة

ت + ت - الحجم الطبيعي

مع انطلاقة الثورة الطلابية عام ‬1968، رأت ماريان، ابنة زعيم اليمين المتطرف، جان ماري لوبين، النور.

 

ولكن (عدوى) هذه الثورة لم تنتقل إليها، لأنها ترعرعت في عائلة تدين بقيم أسسها الأب جان ماري لوبين، المتشرب بأفكار اليمين العنصري المتطرف، الذي ولد لقيطاً من صلب اليمين الفرنسي التقليدي.

 

إنها ورثت القيادة من أبيها، بمباركة أفراد حزبها في الحلقة الأقرب. وعلى الرغم من حياة الترف التي عاشتها هذه (المناضلة).

 

فإنها ورثت ذكريات قاسية مع عائلتها، منذ أن انفجرت قنبلة، أي قنبلة حقيقية من نار ودخان ومتفجرات في بيتهم الكائن في المنطقة الخامسة عشرة من باريس عندما كانت في الثامنة من عمرها. لم تمس القنبلة أي فرد من أفراد عائلة لوبين.

 

ولكن الحادثة تركت ماريان مع مشاعر العجز والتهميش. وزاد من ذلك، معاملة معلميها القاسية، وخاصة أساتذتها اليساريين.

 

كما عانت من غياب أبويها لانشغالهما في أمور الحزب الساخنة. ولم تتمكن من أن تقيم علاقة مباشرة مع أبويها إلا في عمر الثالثة عشرة من عمرها حيث سمح لها بمرافقتهما أثناء الحملات الانتخابية.

 

كسبت مهارتها اللغوية والخطابية من خلال دراستها للمحاماة، وجعلها طموحها الجامح يتعارض مع بعض مواقف أبيها، رغم سيرها على خطاه والاستنارة بأفكاره.. تزوجت مرتين وطلقت مرتين.

 

زوجها الأول فرانك شوفروي، رجل أعمال أنجبت منه ثلاثة أولاد، والآخر ايريك لوريو، يعمل مستشاراً في حزب أبيها. ومنذ عام ‬2002 أسست تنظيماً قريباً من حزب (الجبهة الوطنية)، تحت عنوان (أجيال لوبين) من أجل تنشيط أفكار أبيها بين الشبيبة الفرنسية.

 

تتميز ماريان بقوة شخصيتها وجاذبيتها في آن واحد. وهي التي دفعت بحزب (الجبهة الوطنية) نحو الريف الفرنسي،.

 

وركزت هدفها المباشر في استخدام لغة لا تمت بصلة إلى تراث اللغة الفرنسية التي تعتمد على التلميح والإشارة والشفافية، لذا توجه خطاباتها السياسية إلى الغرائز وليس العقل.

 

وهذا ما جعلها تكرر في كل خطبة من خطاباتها(فرنسا ليست على ما يرام، الكل يعرف ذلك ولكن لا أحد يعمل شيئاً لمعالجتها).

 

ركزت على العولمة وتأثيراتها السلبية، وانتقدت الاتحاد الأوروبي وتوسعه على حساب أوروبا الأصلية.

 

ولا تتردد أن تطلق على بروكسل (دكتاتورية اليورو). ولا تنسى في خطاباتها ذكر المشكلة الأزلية (الهجرة) التي تدغدغ مشاعر قطاعات واسعة من الفرنسيين من خلال تركيزها في الحديث عن انهيار قيم فرنسا التقليدية وتراثها الوطني.

 

سطع نجمها في صراعها مع المرشحة الاشتراكية سيغولين رويال، ونيكولاي ساركوزي أثناء ما كان وزيراً للداخلية واعتبرته (خطراً) على فرنسا.

 

وحصول حزب (الجبهة الوطنية) على ‬18 بالمائة من التصويت زاد من قوتها وصلابتها، مما أدى إلى انعزال الزعيم الاشتراكي ليونيل جوسبان وتخليه عن السياسة آنذاك.

 

تدرجت في وظائفها، فهي تجمع بين الأناقة والفصاحة، فهي خطيبة الحزب، وهذا ما منحها مكانة مرموقة في البرلمان الأوروبي.

 

وفي عام ‬2003 عينها والدها في منصب نائبة في الجبهة الوطنية. وبعد عام، أصبحت عضواً في البرلمان الأوروبي، ومنذ ذلك الحين أرادت مارين أن تفرض إرادتها على الحزب.

 

وعلى الرغم من عدائها ضد الأجانب المهاجرين والعرب واليهود، حاولت ماريان أن تعيد للحزب توجهه اليميني التقليدي بعيداً عن التطرف نوعاً ما لأنها فهمت بأن عصر أبيها قد ولى إلى غير رجعة.

 

ترك لها والدها أمور الحزب وحمل رايته الأيديولوجية من بعده، لأنها الوحيدة المشبعة بأفكاره، خاصة بعد الانشقاق الذي عصف بالحزب، وتخلى نصف الحزب عنه، قبل أكثر من عشرة أعوام. حينها فقد ثقته بالجميع،.

 

وركّز مفاتيح الحزب في يد عائلته، فأصبحت ماريان لوبين لسان حال أبيها في العنصرية والتطرف والاستعلاء.

د

Email