عصر الإنسالات

ت + ت - الحجم الطبيعي

كما أن الروبوت سيجاري الإنسان في كل شيء في المستقبل، خصوصاً إذا تم دمج الخلايا العصبية مع الدارات الإلكترونية فاكتسب ميزة التفكير.

العالم مقبل على عصر جديد، إذ يزداد عدد الإنسالات (الناس الآليين أو الروبوتات) كل يوم، ولن تبقى الإنسالات سواعد متحركة فقط، بل ستصبح شبيهة بالإنسان، تفكر، وترى، وتتحدث، لكن هذا الأمر يحتاج إلى كثير من التطور التقني والمنهجي وفي بنية المادة المستخدمة في تصنيع الشرائح.

ولدى الناس الآليين أو الروبوتات ميزات هامة، مثل: صعوبة الأعمال التي يقوم بها، ودقتها، والأماكن الخطرة التي يمكنه العمل فيها، ولا يمكن للإنسان أن يتحمل ظروفها أو لا يريد المخاطرة بالذهاب إليها.

فالإنسالة معدة للعمل في الفضاء الخارجي وفي المناجم وتحت الماء وفي الأماكن ذات الإشعاعات العالية والتراكيز الكيميائية الخطيرة، وكذلك في تلك الأماكن التي توجد فيها ضغوط مرتفعة جداً أو منخفضة كثيراً، كما أنها تقوم بأعمال متكررة دون تفكير أو ملل فترات زمنية طويلة بدقة واعتمادية عاليتين.

و بالتالي فإن تحرر الإنسان من الأعمال الروتينية لن يكون مفرحا، إذ إنه سيخلق أزمة بطالة تبدو خانقة منذ الآن، وسيفقد كثيرون الأمن الاقتصادي، لكن في المقابل فإن هذا التطور سيفضي بالضرورة إلى اتجاهات جديدة، ينبغي على البشرية أن تحسن استغلالها، فالوظائف الجديدة ستتطلب معرفة كبيرة وقدرة عالية على التفكير، وسيكون للناس الآليين والثورة الروبوتية أثرهم الواضح والمضاعف في القادم من الزمان. إن الاستقرار الاجتماعي أمر ضروري، وهذا يتطلب عقلنة التطور التكنولوجي والبرمجيات، وهو الأمر الذي فعله عظيماف منذ عام ‬1950، عندما صاغ قواعد عمل الروبوتات، وهي:

- لا يمكن للروبوت أن يتعرض للكائن البشري أو يؤذيه.

وبالتالي فعلى الروبوتات الامتثال لأوامر الكائنات البشرية وإطاعتها، إلا في حال تناقض الأوامر مع القاعدة الأولى. وعلى الناس الآليين أو الروبوتات حماية وجوده ما دامت أساليب الحماية لا تتعارض مع القاعدتين الأولى والثانية.

وبناء على ذلك، فإنه من الضروري إدخال الكثير من التطور على هيكلية التعليم وبرامجه لإنشاء جيل جديد قادر على التأقلم مع عالم الروبوتات، وقادر في الوقت ذاته على الإبداع وتحقيق نجاحات والقيام بأعمال لا يمكن للروبوتات أن تقوم بها.

إن المحور الأساسي لعلوم اليوم هو المعلوماتية والكمبيوترات والإنترنت، وهذا المحور هو الذي سيوفر العلم والتعلم لكل الناس، على نحو يُظهر أن الإبداع لا ينحصر بقلة من البشر، بل يظهره على أنه سمة جميع العقول الطبيعية العاملة.

إن التطور الهائل والمذهل لدى الناس الآليين أو الروبوتات، وإكسابها مزايا وقدرات تفكيرية ونمطية قد يهدد الإنسان وقيادته للمجتمع في حدها الأدنى، فبرمجة الروبوت من أجل حروب الهيمنة التي تقوم بها الدول العظمى تحمل بين طياتها صفة استغلال العنصر البشري. وتشير التقديرات أن العلماء سيتمكنون قبل عام ‬2029 من إنتاج الناس الآليين أو الروبوتات ذات قدرات عقلية توازي الدماغ البشري.

ومع ذلك، فسيبقى الدماغ البشري الأكثر تفوقا، لأنه يضم خلايا عصبية هائلة العدد لم يستخدم الإنسان إلا القليل منها. وعلى هذا الأساس، فإن دور الإنسان ليس في حل المعادلات أو القيام بالعمليات الحسابية، وإنما في الإبداع واتخاذ القرارات بحكمة. سيفرز العصر القادم إنسان متفوق من خلال الاكتشافات في علم الوراثة، وستسهم الخريطة الوراثية والكمبيوترات في تحسين الأدمغة البشرية، وهذا ما سيفتح المجال رحبا أمام حدوث تناغم بين التطورين البشري والإنسالي، وسيكون الإنجاز الحقيقي في إحلال التعاون بدلاً من التنافس في هذين المجالين التطوريين لما فيه خير البشرية كلها.

Email