قطر عودي

ت + ت - الحجم الطبيعي

الموقف حيال قطر لم تعد فيه خطوط رجعة، والطريق بالنسبة للدوحة آخره مسدود، والخيارات غير متوفرة. فخلاف الدول العربية في الخليج مع شقيقتها ليس خلافاً سياسياً قابلاً لأن تحكمه أصول لعبة التفاوض والتقدم خطوات من الطرفين نحو منطقة وسطى. الخلاف يتعلق بسلوك رسمي صار يشكل تهديداً لأمن ووجود هذه الدول، ويؤثر على سلامة واستقرار المنطقة والإقليم، ويمس جوهر الأمن القومي العربي.

الخلاف بين رؤية مشتركة لحماية المصالح والمنجزات والسعي لإخراج المنطقة العربية من مستنقع ثورات 2011 وما بعدها، وبين أجندة خبيثة يتشارك في تنفيذ بنودها العديد من الأكلة المترصدين للوطن العربي والطامعين في خيراته والحاقدين على تاريخه وأمجاده. وعندما يكون الوجود والكيان هو أصل الخلاف تتعطل الخيارات، ويضيق الفضاء على المناورات، فلا خروج من المأزق إلا عبر منفذ واحد، وهو منفذ العودة والتراجع عن الخطأ. ولهذا المخرج العديد من الطرق والوسائل التي تحفظ ماء الوجه وترفع الحرج وتقطع ألسنة الشامتين والمتربصين الآكلين على موائد خلافات الأشقاء.

أما الهروب إلى القاع عبر الاستقواء بالغرباء، والبحث عن بديل للمحيط الشقيق بطامع غريب، لم يخف يوماً كرهه لجواره العربي، ولم يوفر جهداً في زعزعة أمن واستقرار الدول العربية، من البحرين وحتى المغرب، فهذا يعني الإيغال في العناد والإصرار على البحث عن عمق استراتيجي وهمي ينافي الجغرافيا ويعادي التاريخ ويجافي كل الأسباب الاجتماعية والثقافية التي تجعل من قطر والشعب القطري الشقيق امتداداً طبيعياً لمحيطه الخليجي العربي.

القيادة القطرية تعلم والكل يعلم بأن الحاميات الإيرانية والتركية على الأراضي القطرية ليست أكثر من مناورة سياسية لا رجاء منها في تحقيق أي حماية عسكرية أو أمنية. ولكنها مناورة زادت الطين بلة وبعدت المسافة بدلاً من أن تعبد أي طريق لأي حل للأزمة، ومكنت حلفاء مؤقتين وطامعين من الوصول إلى نقطة لم يحلموا بها على الأرض العربية، وبعّدت القريب الحريص والشقيق الشريك. وفي هذا الكثير من قصر النظر الذي لا يقبله فكر ولا تبرره سياسة ولا يفهمه عاقل.

والطريق لا يزال فيه منفذ إذا أرادت الشقيقة قطر العودة إلى أحضان محيطها العربي لتكون قطر التي عرفناها قبل أن يتم اختطافها، «دوحة للجميع» كما قال أميرها الأسبق الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني رحمه الله. وصدق النوايا وإزالة أسباب قلق وغضب الأشقاء هو ذلك المنفذ الذي نتمنى أن تعود منه قطر.

 

 

Email