الوحش الكامن فينا

ت + ت - الحجم الطبيعي

ارتبط الخيال في طفولتنا بعالم سحري حافل بالدهشة ، وتعلقنا بالشخصيات الأسطورية التي تعرفنا من خلالها على نوازع الخير والشر في الإنسان، وتعاطفنا مع المظلوم واليتيم والفقير ونفرنا من الشرير والبخيل والظالم.

وكبرنا قليلاً وتعرفنا على فنون أوسع وأشمل في الأدب والتاريخ والشعر والمسرح. وعبر الخيال في الأدب الإنساني العالمي والمحلي والقصة والحدوتة والأسطورة والتراث والملاحم الشعرية والتاريخ، نجحنا وبسهولة في ترويض الوحش الكامن فينا.

وتعلمنا مع مضي السنوات تحقيق توازننا النفسي والارتقاء بأرواحنا أكثر عبر الاستزادة من مناهل قيم الجمال والأخلاق والغيرية التي تستبدل غضبنا بالسكينة وقسوتنا بالرحمة .

في السنوات الاخيرة، اهتزت الصورة واختل توازننا وتناغمنا مع من حولنا، وبدأ الوحش فينا يتململ ويتضخم. وكلما بحثنا عن استزادة من الخيال، جاء المسافر بخيال هوليوودي جرّده من مضمونه الإنساني واستبدله إما بعنف دموي أو ببراعة علوم التقنيات أو فن صناعة الجرائم والحروب، لتضيع ملامح الخير ، والشهامة.

وليبتكر لنا بخياله أعداء وهميين من مصاصي الدماء إلى المتحولين وغيرهم الكثير. وليته يتوقف عندنا، بل امتد مع غيره ليغزو عقول الأطفال بألعاب إلكترونية تعتمد القتل بالسيف والرصاص وبتر الرقاب والأطراف وسيل الدماء عند الانتصار، فإلى أي آفاق أخرى سيمضي بنا الخيال الهوليوودي وصناع التكنولوجيا، ومتى سنتوقف عن حالة الانبهار بخيال لا يروي ولا يغني؟!

Email