في حق «دبي لندن دبي»

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاختلافات المُتباينة حول مسلسل «دبي لندن دبي» تؤكد قوة العمل، وتكامل عناصره الدرامية، من حبكة الحوار إلى الصورة في الإطار وإن شابته اختلالات قليلة يغفرها الألق الإنساني الطاغي المُجترح من انثيالات مُتعددة؛ صدع الإخوة «علي وعبدالرحمن»، وتعاضدهم «سلطان وحَمد وهند وإخوتها»، وإيثار الأمومة «سلامة»، ورحلة الطموح والانتصارات «صقر وهند»، وقلقُ العشاق الأبدي «اليازية وحَمد».

فالسيناريو مُحكم في معالجاته وإن طالته نواقص، فالدراما ليست صورة تيلسكوبية للمجتمع لا نتوخى منها سوى المثاليات، لكنها تقدم نماذج في حالات مُختلفة، وهذا ما استطاع العمل تقديمه عبر لحظات متألقة طافحة بالمشاعر، من حب ولهفة وحنو وانكسار وخوف وترقب وانتظار وإباء وعزة وتعاضد وتآزر في المحن ونخوة وشهامة في المُقام والغُربة، والكد في رحلة النجاح والشك القاتل الذي يشتت البيت الواحد ويفرق الإخوة، وكأنهما الإخوة كارامازوف لدوستويفسكي تتربص بهم المكائد.

من الانتقادات التي طالته أنه يستهدف شريحة شبابية مُحددة بدعوى حضورهم الطاغي، لكن ذلك يدحضه وجود صف من نجوم الخليج الكبار، كما قيل؛ قصة عاطفية، لكن أليست الأعمال الخالدة بطلها القلبُ دائماً؛ نبض الحياة على مدار العمر. فـ«دبي لندن دبي» كان مُميزاً ببُعده الإنساني، ومُبهجاً بإطلالات فراشاته الجميلات، اللاتي بُحن بأحلامٍ ندية للقوارير وتطلعات مشروعة لهن، كما برزت فيه قدرات واعدة وأخرى أثبتت طاقاتها التمثيلية كمروان عبدالله، مثلاً، الذي رش توابل المرح في شخصية أحبها المُشاهد رغم امتدادها الشرير وتلك براعة منه.

ومما قيل أيضاً إنه بعيد عن المجتمع، لكن ألا يعرفون أن الدراما مثلها مثل سائر صنوف الفنون والآداب ليست مُهمتها الوعظ، فروعتها تكمنُ في تقريب النماذج الإنسانية في مختلف حالاتها دون مبالغة أو مُشْتبِهَات خُيلت للمُنتقدين فُشبه لهم أنها هي.

 

Email