القارئ مرتبكاً

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعدد معارض الكتب لم يعد يساهم في تيسير مهمة انتقاء الكتاب، المسألة المعنية لا تقترن بالأسعار بل بالخيارات. بوصلة القارئ لا تتأرجح فقط بين الأجنحة ودور النشر، بل هي تضطرب بين الأرفف والمسميات، التوجه انتقل من أسماء المؤلفين إلى عناوين الكتب.

أجيال من القراء اعتادت الإقبال على عمالقة راكموا في الرواية والشعر والفلسفة من أمثال نجيب محفوظ، حنا مينا، نزار قباني، محمود درويش، محمود أمين العالم. ربما يكون أدونيس آخر الرجال المراكمين.

على الرغم من بقاء محاور الكتابة على حالها إلا أن الكتّاب الجدد لم يستطيعوا الغزل على مناول السابقين في الكم وربما النوع. الجميع لم يخرج عن ثنائيات الموت والحياة، الحب والبغض، الروح والجسد، الفرح والحزن، الأمل والخيبة، السلطة والشعب. التباين ليس وقفاً على المؤلفين. القراء أنفسهم تعرضوا لرياح التغيير. الاختلاف يشمل الإقبال والإعراض، التناول والاختيار، الشهية والتخمة، الوقت والاستثمار.

البوصلة نفسها أضحت عرضة لرياح التغيير، التوجه لم ينتقل فقط عن اسم الكاتب إلى عنوان الكتاب بفعل الذوق الذاتي أو الثقافة الشخصية، ماكينزم التسويق أمسى يشكل مصدر الرياح الأكثر تأثيراً في حفر مسارات الانتشار والاختيار.

الجوائز صارت أحد أبرز مصادر الرياح. نهج الجوائز أشبه بالتصفيات الرياضية ربما. لجان التحكيم ليست محور إجماع المتنافسين والنقاد والقراء. الفوز يكون تقديراً للكتاب دون الاهتمام بالكاتب.

المعارض تشكل مصدراً مربكاً للقراء. في الماضي كانت خطوط الطول بارزة، الرواية، الشعر، التاريخ، النقد، الفلسفة، الاجتماع. حالياً ظهرت أجناس هجينة تنزلق على خطوط العرض بلا هوية محددة، فلم يعد السرد سرداً أو الشعر شعراً. الديباجة فقدت هويتها في زمن العولمة.

Email