نبراس «فزاع»

ت + ت - الحجم الطبيعي

في كل مرة يغمسُ سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ريشته في محبرة الشعر تعانق الركاب والخيل على حافة القصيد، فتثير القوافي تِبر الدمن وحكايات الربوع، وكما عودنا وهو الشاعر المُرهف جاءت قصيدته التي ألقاها أمس في حفل التميز أغنية للوطن والوفاء المُختزن في القلب، سطرت في دفتر الشعر حكايات المكان فرسم بريشته لؤلؤته الفارقة. وحسبهُ من المطلع، نبراساً أضاء المعنى، مُستهلاً بـ«يا بلادي» نداء إلى الثـرى الـعـزيز الـعـالي والغالي قِبلة الفضل وأهل الفضل ومهبط الأحلام، حيث ترفرف بنود المجد خفاقة في مُفتتح القصيد، وكما كانت العرب تبدأ بالنسيب، اختار سموه التشبب بفتنة أبقى نذرها لبلاده ووضعها على رأسه تاج وفاء وإكرام.

ينحتُ المُفردة من صلصال غني وقاموس إنساني، فيفيض صبر الأديب ولا يضيق صدر الشاعر، وتطوى الصحف ولا تجف الأقلام، يضن دفتر الشعر وتبقى الضلوع قناديله المضيئة في ليل بحره المتلاطم، ويعز السرج وينبَت اللجامُ ويبقى سيد الفوارس.

في القصيدة وكما روح «فزاع» تضيء الكلمات دروب الحياة المظلمة، تشحذُ الهمم، زادها الـوعـي والـمعـرفـة، يشعل سراجه، «يفزعُ» إلى معالي الأمور ويأبى الضيم، يواجه المواقف والتحديات، وهي خصال القادة، ويعقد العزم وهو يخوض غمار الأفضل:

نـظـرتي فـوق فـوق ومركـزي قــدّام

                               وعاذلي يعـقد مْن الضـيقه حـجـاجه

يوقد نارهُ قرى للضيف ولا يوصد بمزلاج، لأن بـابه باب بيـت كـريـم تـدلّـه الأنـام، وعبر حس إنساني كبير يحدد معاني الأشياء، يلامس هموم الناس ويحنو بفكر المُلم العارف لمداخل المعنى وخبايا النفس الإنسانية مدركاً أن البشر في حياتهم وحاجاتهم كلهم سواسية وإن اختلفت المراتب والمواقف.

وما يميز شعر «فزاع» وقصيده تلك الروح الحالمة، حين يمسكُ أحلامه بيده ويعرف كيف يلاحقها في فلسفة تفهم العمر وتفهمُ معنى الحياة، حيث العمرُ لا يحسب بالسنوات ولكن بالعطاء والإنتاجية والعمل والأشياء التي تنفع الناس.

Email