متحف المُستقبل

ت + ت - الحجم الطبيعي

من كان يتصور قبل عقد ونصف فقط أن يتم التواصل بهذا الشكل المُكثف، عبر أجيال تتطور بشكل خارق من أشكال التقنيات والهواتف المُتحركة، فما زلت أتذكر جيداً، أول هاتف جوال امتلكته، كان دبابة مُصفحة من نوع «آلكاتيل»، وكنت أمضى أسبوعاً دون أن يرن لقلة المُستخدمين، هاتفي الأيقونة كانت بطاريته دوماً على وشك النفاد.

ولم تكن قوة الإرسال بالقوة المطلوبة فكنت أتحايلُ عليه أحياناً، أعلقه بتلابيبه ليمسك الشبكة بشكل جيد، رنته بالنسبة لي احتفال ما دونه احتفال. بعد ذلك عرفتُ هواتف أكثر خشونة من «موتورولا» وأقل لطفاً من «سيمنس» هذه الشركة العتيدة التي دخلت هذه السوق في بداياتها، ثم هجرته إلى التقنية الطبية وتقنيات أخرى حققت فيها نجاحات.

طفرة التكنولوجيا في مجال الاتصال تقدم أبرز نموذج لتسارع التقنية وتدفقات يستعصي أحياناً التنبؤ بامتداداتها، مع أن العقل البشري هو من يرسمُ اتجاهاتها ويتخيل آفاقها، وتحملُ لنا تطوراتها المزيد من الحلول والتحديات في المستقبل المنظور، مع أن حصة العالم العربي، تكاد تكون ضئيلة في هذا المجال.

غياب الرؤية نحو المستقبل وبناء قاعدة علمية قوية ومُستدامة أحد أسباب تأخرنا، مع أن النهضة العلمية الغربية الحديثة قائمة في كثير منها على تأصيلات علمائنا في عصرنا الذهبي، وحتى لا نكون حالمين دائماً ونبكي أطلال الماضي، يجب التنويه بخطوات عملية في وقتنا الحاضر ترسم وتشارك بقوة في استقطاب اتجاهات المعرفة وتحديد مساراتها.

معرفة قيمة العلم والابتكار أحد أهم أوجه رسم آفاق النهضة الحضارية للدول، وفي الإمارات يبرز ذلك في مستوى نوعية الابتكارات في كليات التقنية وفي المختبرات والبيئات العلمية الحاضنة.

كما تقدم أفضل النماذج على مستوى جودة الإدارة، ولتوثيق مُنجز الإبداع والابتكار جاءت البشارة مؤخراً عبر إنشاء متحف المستقبل في دبي البيئة المتكاملة لاختبار الأفكار وتطوير نماذجها المستقبلية، والمنصة الفريدة لرصد اتجاهات المستقبل والاختراعات، خطوة تستحق الإشادة لأنها ترمي حجراً في بحر ركودنا العربي.

Email