في امتداح الرقيب

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يمكن بحال من الأحوال التهاون أمام ما يمكن أن تشكله مواقع التواصل الاجتماعي من مخاطر داهمة لأطفالنا وشبابنا، خصوصاً مع ضعف الرقابة أو انعدامها في كثير من الأحيان، تلك المواقع التي أصبحت ساحة وموئلاً خصباً لضعاف النفوس ممن يبحثون عن فرائس لهم، مستغلين انشغال الأهل، وعدم خبرتهم في الاستخدام الأمثل لمواقع التواصل الاجتماعي من جهة، وحب الاستطلاع واستكشاف المجهول من جهة أخرى.

إن الحديث عن مخاطر تلك المواقع على النشء لا يقتصر على كونها تشجع على العنف، وتهدر الوقت، وقد تقود إلى الإبحار في أماكن لا ينبغي الاطلاع عليها، بل ينسحب على أنها تستبيح الخيال في واقع افتراضي لا علاقة له بالواقع، وتقود إلى الشعور بأن العالم سهل وبالإمكان الحصول على كل شيء بلمح البصر، بالإضافة إلى المشاكل النفسية والعزلة الاجتماعية، وزيادة الانطوائية، فأصبحت لدى البعض متنفساً عن غياب الأصدقاء، هذا فضلاً عن تأثيراتها الصحية.

وأمام تلك المخاطر تبرز أهمية غرس الرقيب الذاتي في نفوس النشء، سواء في المدرسة أو عبر الأسرة والمؤسسات المجتمعية المعنية، وتفعيل الرقابة، ليس بمفهومها القمعي، بل بتكريس المسؤولية، فالطبيعة البشرية تنزع إلى كسر الأنظمة والتصرف بعبثية أو بالفطرة بعيداً عن الرقابة، وأقصى درجات الأمان أن يكون الرقيب داخلياً، يستشعر أن في الولوج إلى أماكن معينة على الشبكة المعلوماتية ضرراً، وأن السلامة تقتضي منه تفعيل رقابته الداخلية على ما يقرأ ويشاهد ويتصفح، حتى لا يكون ضحية للجرائم الإلكترونية وللتأثير فيه اجتماعياً ودينياً، خصوصاً أن حجم المعلومات والصور والأفلام التي يتم بثها يومياً، هائل وكبير، ولابد من فلترته ذاتياً.. نعم، إنها الرقابة الواعية.

Email