جي بي آر

ت + ت - الحجم الطبيعي

حين تقرأ النوافيرُ شعرها، تنصتُ العصافير على مشابك الشرفات، تشرئبُ أعناق الورد الندي من المزهريات كي تصغي لبوح الماء. تسردُ خريرها شلالاً من الصور والذكريات، تضيء عتبات الوقت، كإشراقات حوريات اغتسلن في البحر، يومضُ قبسُهن الدري، وينثرُ لآلاءه المُلهمة.

في ممشى الـ«جي بي آر» تمنحك الحياة قصائد للماء، مدهشة المطالع، وسيمفونيات للضوء، فردوسية المقامات، تهبُ الطريق شغفاً في الخطوات، ومتعة في السير على درب الشعر والموسيقى والحكايات والجمال والعشق والتباريح وأرصفة المطر المبللة.

من «قرطبة» المقهى يستدرجك التاريخ، إلى عذوبة الحياة ويرميك في الأثير من المرويات الأندلسيات الخالدات؛ تعانق فيها ابن حزم، وطوق حمامه الزاجل المحمل بالصبابات والهوى يصّعد فوق السقوف المكسوة بالعشب والقرميد الأحمر، تسامر ولادة وابن زيدون، وغزلياتهما.

حين حم الهجرُ وأضحى التّنائي بديلاً عن تدانيهما، فدغدغت أشعارهما مزهريات العذارى في شرفات القصور فسقتها، فسال الدمعُ أنهاراً بين جنات الحدائق..تجالسُ المعتمد ابن عباد، الملك المرهفَ، وتصافحُ المترف من الحكايات وتقبلُ وجه الزمان البهي في عهده الصبوح.

في الـ«جي بي آر» بعض من نور القصيدة وقبس الفن، وشيء من التاريخ وإشراقات حضارة، الحياة وجمالياتها تثرثرُ في مسمعك شهرزاداً على ناصية الرصيف تنشدُ عتبات الصباح، أوجه جميلة، ومنحوتات رشيقة نفخ في روحها من الجمال، مزهريات وليل حافل، والكثير من الكلام الحميم الجميل يولدُ ويحيى على شفة السَّحر.

Email