تاريخنا الذي أهملناه

عندما أصدرت كارول هيلينبراند، أستاذة التاريخ في جامعة أدنبرة، كتابها الرائد »الحروب الصليبية من منظور إسلامي« ونالت عنه جائزة الملك فيصل المرموقة، قبل عقد ونصف العقد من الزمان، أدرك الكثيرون أن حقلاً معرفياً ممتداً يفرض نفسه، ويدعونا نحن العرب إلى المبادرة بمزيد من الدراسة للحروب الصليبية، من خلال المصادر والمراجع الإسلامية.

اليوم، وبعد كل هذه السنوات، لا نرى تحركاً في هذا الاتجاه، بل لم يبادر أحد في العالمين العربي والإسلامي إلى ترجمة كتاب كارول هيلينبراند إلى اللغة العربية، على الرغم من أهميته الفائقة.

وفي المقابل، يواصل الباحثون الغربيون الانطلاق في هذا الميدان المعرفي، الذي كان ينبغي لنا نحن العرب أن نحقق شرف الريادة فيه.

وفي هذا الإطار، يلفت نظرنا قيام مطبعة جامعة أوكسفورد، مؤخراً، بإصدار كتاب »السباق إلى الفردوس: تاريخ إسلامي للحروب الصليبية« في 360 صفحة، من تأليف البروفيسور بول كوب.

ويستمد هذا الكتاب أهميته من أنه يُعد بمثابة منجم غني بكنوز معرفية جديدة عن الحروب الصليبية، ويصفه مؤلفه بأنه نقطة انطلاق على الطريق إلى تقييم أكثر اكتمالاً للحروب الصليبية، من المنظور الإسلامي.

ونتوقف طويلاً عند التفاعل الحضاري من الصدام إلى الحوار بين المسلمين والصليبيين، والنهاية المنطقية للحروب الصليبية، وهي الانحسار عن أفق عالمنا الإسلامي.

هذا الكتاب يعيد تذكيرنا بخطورة إهمالنا لتاريخنا، وترك الآخرين لينعقد لهم لواء السبق في اكتشاف أسراره ودروسه، التي يمكن أن تخدمنا في مواجهة واقعنا المرير اليوم.