الحياة محطات

ت + ت - الحجم الطبيعي

عديدة هي محطات الحياة، بحلوها ومرها، بأفراحها وأتراحها، بإنجازات تحققت وإخفاقات أحبطت البعض وشكلت حافزاً للبعض الآخر لمواصلة المسيرة نحو الهدف المنشود.. محطات جميلة بزملاء الدراسة في كل مراحلها، وزملاء العمل في المؤسسة أو المهنة، والأجمل أخ لك لم تلده أمك، وصديق صدوق، يهديك عيوبك، فكل بني البشر خطاؤون "وخير الخطائين التوابون".

ومحطات العمر الثلاث "الطفولة، الشباب، والكهولة"، غنية بأحداثها، وسجل الذكريات حافل بالكثير من دروس الحياة التي حصنتنا من عثرات الزمن، فكانت وما نهلناه عن الآباء، نبراسنا وطريقنا نحو جني ثمار ما غرسناه، واليوم نواصل مسيرة الغرس ليجني الأبناء ثمارها ومن بعدهم الأحفاد.. تلك هي الرسالة التي نحرص على إيصالها إلى الأجيال المتعاقبة.

في المحطة الأولى كثيرون منا تخرجوا في مجالس الرجال وهم فتية، وشتان بين رجال الأمس وذكور اليوم، فهذه الفئة التي ينبذها المجتمع لا تمثل غير أفرادها، وعلينا أن نتصدى لها كي لا تتمادى في إساءاتها وتنعكس تبعاتها على الجميع، فما نشاهده من تصرفات البعض المستهتر، يؤذي مشاعرنا، فمنهم فئة تحسب أنها تملك الطريق وعلى الآخرين أن ينصاعوا لأهوائها وعبثها بأرواح البشر، وفئة ثانية تخدش حياء العامة بتصرفات تسيء إلى ديننا الحنيف وأخلاقنا وعاداتنا وتقاليدنا وقيمنا، وفئة ثالثة تعتبر موقع عملها ملكية خاصة، فتتحكم في رقاب الناس حسب تصنيفها الخاص لهم "هذا أحبه وذاك أكرهه"، بعيداً عن المهنية والإنتاجية ومبدأ البقاء للأصلح.

شتان بين محطات الأمس ومحطات اليوم، فنحن نعيش عصر الهرم المقلوب، حيث لا مكان للصداقة الحقيقية والأسرة الواحدة في الجوار والحي ومختلف ميادين العمل والحياة.. فهناك صداقة من نوع واحد في عالم افتراضي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عمادها "نحن أصدقاء حتى يتوفر البديل الأنفع لي".. والطامة الكبرى كما قال شاعرنا الكبير أبو الطيب المتنبي:

 

ومن نَكَدِ الدّنْيا على الحُرّ أنْ يَرَى

عَدُوّاً لَهُ ما من صَداقَتِهِ بُدُّ

 

Email