حب الوطن

ت + ت - الحجم الطبيعي

علاقة الإنسان بوطنه كعلاقته بوالديه، فلا أحد يكون طرفاً في العلاقة بين والديه قبل أن يولد، كما أن الإنسان لا يختار وطنه عند الولادة. لذلك يقال عن الوطن الأصلي إنه "الوطن الأم" للإنسان. والعلاقة بين الأم وولدها، هي أقوى العلاقات الإنسانية وأعمقها تأثيراً في الطرفين، ولا يوجد إنسان سوي يكره والديه.

صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، أكد ويؤكد باستمرار هذه المعاني النبيلة والقيم السامية، وفي إحدى التغريدات منذ أيام، يقول سموه: "الوطن هو القلب الذي يسكننا، والروح التي تسري فينا، والحب الذي يجري في عروقنا، والغالي الذي نفديه بنفوسنا"، ولا شيء فوق التضحية بالنفس..

والمقولة الشائعة أن "حب الوطن من الإيمان"، والبعض ينسبها للحديث الشريف. ورغم أن هذه النسبة لم تتأكد نصاًّ، إلا أن القيم التي يمثلها حب الوطن، هي ذاتها قيمٌ لا يكتمل الإيمان من دونها. ففي الحديث الصحيح: "آية المنافق ثلاث؛ إذا حدّث كذب، وإذا وَعد أخلف، وإذا ائتُمن خان". وكلها صفات تنافي صحة الإيمان، كما تتنافى وقيمَ الوطنية، فحب الوطن يستوجب صدق الولاء، والوفاء لعهد الآباء والأجداد، والأمانة في حفظ كرامة الوطن وعزته.

لكن حب الوطن، ككل حب آخر، منه السوي النابض قلباً وعقلاً، وفيه العاصف المجنون الذي قد يؤذي الحبيب والمحب معاً (ومن الحب ما قتل!).. والذين يؤذون أوطانهم ربما يحبونها، ولكنهم يفشلون في التعبير السوي عن هذا الحب، وقد يعبرون عنه بما يدمرهم ويدمر الوطن معهم!

Email