منظمة التجارة العالمية والكربون

ت + ت - الحجم الطبيعي

ربما أهم مهمة تواجه النظام الدولي هي فرض قيود وطنية على انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، مثل تلك التي تم التفاوض بشأنها في اتفاقية باريس لعام 2015.

لقد حققت المحاولات السابقة للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون نتائج محدودة. تقاوم الصين والاقتصادات الناشئة والنامية الأخرى الحد من انبعاثاتها المتزايدة بسرعة، حيث تجادل تلك الدول وهي محقة في ذلك بأن على الدول الصناعية أن تقوم بذلك أولاً. إن من المؤكد أن الاتحاد الأوروبي قد حقق بعض النجاح، حيث رفع سعر ثاني أكسيد الكربون في تلك القارة إلى حوالي 75 يورو (78 دولاراً) للطن، وذلك من خلال نظام تداول الانبعاثات. لقد أقرت الولايات المتحدة قانون خفض التضخم والذي يقدم دعومات كبيرة للسيارات الكهربائية وغيرها من التقنيات الخضراء.

على الرغم من النوايا الحسنة، لم تؤثر هذه الجهود العالمية كثيراً في تغير المناخ. يواصل المفاوضون إضاعة الوقت في المساومة حول تحديد هدف عالمي يبلغ 1.5 درجة مئوية أو 2 درجة مئوية. وتعمل الرسوم الجمركية على جعل الأمور متساوية فيما يتعلق بالمنافسة. إن تلك الرسوم الجمركية تشجع الحكومات كذلك على الانضمام إلى نادي الدول التي تتعهد بالتزامات جادة ثم تلتزم بتطبيقها.

من المتوقع أن يتمكن الاتحاد الأوروبي من عمل الصياغة النهائية لخطط آلية تعديل حدود الكربون في ديسمبر الجاري. اعتباراً من عام 2026، سيفرض الاتحاد الأوروبي رسوماً جمركية على الواردات لتحقيق المساواة فيما يتعلق بأسعار ثاني أكسيد الكربون وذلك بين المنتجين المحليين ومنافسيهم الأجانب. لقد تم تصميم الآلية لحماية أكثر صناعات الاتحاد الأوروبي من حيث كثافة الكربون.

يمكن أن تكون آلية الحدود الخاصة بالاتحاد الأوروبي خطوة رئيسية نحو سوق عالمية أكثر فاعلية. لكنها تأتي مع مخاطر، حيث من المرجح أن تشعر الشركات الأمريكية بالتهديد وأن تحتج بقوة.

يقول مسؤولو الاتحاد الأوروبي أن الآلية ستتقيد بقواعد منظمة التجارة العالمية ومن الممكن أن يكونوا على حق في ذلك، فالدول الأعضاء بمنظمة التجارة العالمية مسموح لها بالفعل بإقامة الحواجز التجارية لأغراض بيئية طالما أن الإجراءات لا تميز بشكل غير عادل ضد الشركات الأجنبية.

هناك سوابق للاستثناءات البيئية لمنظمة التجارة العالمية. إن المادة 20 (ب) و (ز) التي ترجع إلى سلف منظمة التجارة العالمية «الاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة» تسمح باستثناءات لحماية الصحة والموارد الطبيعية. توضح مقدمة اتفاقية مراكش لعام 1994 والتي أسست منظمة التجارة العالمية أن هذا يشمل أهدافاً بيئية وهي نفس النتيجة التي انتهت إليها الأحكام اللاحقة بدءاً من قرار عام 1996 بشأن واردات الولايات المتحدة من البنزين.

إن عملية الفصل في ضرائب حدود ثاني أكسيد الكربون لو تم إعطاؤها مثل هذا التفويض سيكون عملاً طبيعياً لمنظمة التجارة العالمية بعد إعادة إحياء دورها، وحتى الولايات المتحدة الأمريكية قد تعيد اكتشاف فائدة آلية تسوية المنازعات التابعة لمنظمة التجارة العالمية حيث يمكنها أن ترفع قضية أمام منظمة التجارة العالمية إذا أصبحت آلية تعديل حدود الكربون التابعة للاتحاد الأوروبي حمائية.

إن إعادة تنشيط منظمة التجارة العالمية بدافع بيئي سيفيد البلدان النامية أيضاً. لذا، بدلاً من الحرب التجارية البيئية، يمكن لمنظمة التجارة العالمية أن تعزز قواعد جديدة لضرائب حدودية مفيدة لثاني أكسيد الكربون ما يؤدي إلى موجة من التجارة في السلع والخدمات الخضراء.

* أستاذ تكوين رأس المال والنمو بجامعة هارفارد والعضو السابق في مجلس المستشارين الاقتصاديين للرئيس الأمريكي بيل كلينتون.

Email