الطاقة المستدامة وحلول المستقبل

أنطوني فروجات

ت + ت - الحجم الطبيعي

مثلما سلطت الحرب بين روسيا وأوكرانيا، الضوء على اعتماد أوروبا الخطير على الوقود الأحفوري، فإن الظواهر الجوية المتكررة المتزايدة الشِـدة، والمرتبطة بالمناخ، تسلط الضوء على أهمية التركيز على بدائل طاقة مستدامة، تصون المناخ. من المفهوم أن تكون الضغوط السياسية والعامة لتقليل الانبعاثات الغازية المسببة للانحباس الحراري الكوكبي، والابتعاد عن إمدادات الطاقة الأولية غير الآمنة، وتطوير مصادر طاقة جديدة، يمكن التعويل عليها، وآمنة وفي المتناول، عند أعلى مستوياتها على الإطلاق. ولكن بدلاً من الاندفاع إلى الأمام، ينبغي لنا أن نفكر بعناية في الخيارات الأكثر واقعية، وكيف يمكن نشرها وتشغيلها في العالم الحقيقي.

ربما نتذكر الأشهر الاثني عشر الأخيرة، على أنها نقطة تحول في قطاع الطاقة في عموم الأمر، فإن هذا لن يكون بسبب الصناعة النووية. فقد انخفضت حصة الطاقة النووية في إجمالي توليد الكهرباء التجارية العالمية في عام 2021 إلى 9.8 %، وهذا أول انخفاض لها دون 10 % في أربعة عقود من الزمن، ونصف ذروتها تقريباً، التي بلغت 17.5 % في عام 1996. في الوقت ذاته، تجاوزت طاقة الرياح والطاقة الشمسية الطاقة النووية للمرة الأولى في عام 2021، لتمثل 10.2 % من إجمالي توليد الطاقة.

في عام 2021، بلغ إجمالي الاستثمارات في مصادر الطاقة المتجددة غير المائية رقماً غير مسبوق (366 مليار دولار)، ما أضاف 257 غيغا واط (الصافي) إلى شبكات الكهرباء، في حين تناقصت الطاقة النووية العاملة بنحو 0.4 غيغا واط.

كما يتمثل التحدي الأساسي الآن، في الحفاظ على التبريد المستمر لقلب المفاعل النووي الذي ينتج الطاقة، وحوض الوقود المستهلك، حتى بعد إغلاق المفاعل.

ينبغي لجميع الدول العالمية، ولكافة المؤسسات، التركيز على التكنولوجيات التي يمكن نشرها بسرعة، وعلى مستوى العالم، لتحل محل الوقود الأحفوري. وكما أوضحت الإصدارات المتتالية من تقرير حالة الصناعة النووية العالمية، فإن الطاقة النووية أبطأ وأكبر تكلفة من أن تتنافس مع تدابير كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة.

إن عالمنا أمام تحديات كبيرة ومهمة، ليس فقط تمس رفاهية البشر، وإنما تمس الكثير من جوانب صون المناخ وحفظ المقدرات الطبية. إننا بحاجة ماسة لأن نكون محتاطين لجميع ما يتهدد كوكبنا ومستقبل البشرية. وليس من المفيد أن نتأخر عن أخذ شتى الاحتياطات المهمة في هذا الشأن. وعلينا أن نبتكر الكثير ونعدل ونطوع التحديات لنصنع مستقبلاً مضموناً يحمي البشرية ويصون المناخ.

في كل يوم تبرز عوائق كثيرة تعترض طريقنا في بناء وتجويد ركائز حماية الطاقة. لكن الابتكار هو الحل في النهاية، والجدية في التركيز على استنباط الحلول يجدر أن تكون مقرونة بتعاون دولي حثيث وعاجل.

صحيح أن حلولاً كثيراً مقترحة ربما تفيد في الخروج من العوائق والأزمات، لكن الأمر المهم أن بعض هذه الحلول تؤدي إلى نتائج غير بناءة بفعل تأثيرها الضار بالبيئة وبصحة البشر. إن النتائج المأمولة لهذه التحولات العلمية يجب أن تكون مدروسة وعلى جانب كبير من البحث والتمحيص. ولا بد لجميع الدول والمؤسسات أن تبادر بشكل حاسم وفوري، لتأخذ الدور المأمول واللازم في الصدد.

* مؤلف مشارك لتقارير حالة الصناعة النووية العالمية

Email