آفاق النمو والتعافي العالمي

ت + ت - الحجم الطبيعي

لقد نفد زخم التعافي الذي شهده العالم بعد جائحة كورونا. يظـهـر آخر تحديث لمؤشرات بروكنجز/‏‏فايننشال تايمز لتتبع التعافي الاقتصادي العالمي (TIGER) أن زخم النمو تدهور بشكل ملحوظ في مختلف أنحاء العالم في الأشهر الأخيرة، ومعه تدهورت مؤشرات الأسواق المالية والثقة.

ومع تباطؤ الاقتصاد العالمي وسط حالة متنامية من انعدام اليقين والمخاطر المتعاظمة، أصبحت العديد من البلدان إما على وشك الانهيار أو انهارت صراحة.

في اقتصادات متقدمة كبرى مثل منطقة اليورو، واليابان، والمملكة المتحدة، تسببت الاستجابات السياسية المتكاسلة الفاترة في تعقيد ومضاعفة التأثيرات المترتبة على صدمات خارجية بجانب تأثيرات الجائحة، مما أدى إلى انحراف مسارات النمو.

نتيجة لهذا، تواجه بلدان عدة متقدمة التحديات التي اتسمت بها لمدة طويلة فترات من الضغوط الاقتصادية والمالية في اقتصادات الأسواق الناشئة: الانخفاض الحاد في قيمة العملة، وارتفاع عائدات السندات الحكومية، وإجهاد الموارد المالية العامة، واشتداد قيود السياسات.

من جانبه، يعج الاقتصاد الأمريكي بإشارات متضاربة. على الجانب الإيجابي، لا يزال الطلب الاستهلاكي قوياً، كما استمر تشغيل العمالة في النمو بوتيرة صحية معقولة. في الوقت ذاته، كان نمو الناتج المحلي الإجمالي هزيلاً في حين يظل التضخم مرتفعاً بكل المقاييس، مما يترك لبنك الاحتياطي الفيدرالي أقل فرصة لاختيار أي شيء غير المزيد من رفع أسعار الفائدة.

في أوروبا، تغذي ارتباكات إمدادات الطاقة التضخم وتقيد النمو، مما يؤجج المخاوف من نقص الطاقة في الشتاء ويقوض ثقة القطاع الخاص. ويعـد الهبوط الشديد الذي طرأ أخيراً على قيمة الجنيه الاسترليني رمزاً للتحديات العديدة التي تواجه اقتصاد المملكة المتحدة.

اليابان هي الدولة الوحيدة بين الاقتصادات المتقدمة الرئيسية التي تتمتع بتـرف الإبقاء على سياسة نقدية متساهلة، بفضل معدل التضخم المنخفض لديها. وهذا من الممكن أن يساعدها في الحفاظ على نمو مستقر وإن كان منخفضاً.

سوف يعمل الطلب الضعيف في مختلف أنحاء العالم والظروف المالية الأكثر إحكاماً على زيادة الضغوط المفروضة على الاقتصادات النامية التي تعاني من عجز في الحساب الجاري.

لم تـعـد الحكومات والبنوك المركزية تتمتع بترف السعي إلى تحقيق هدف استقرار النمو والتعويض عن الصدمات السلبية بالاستعانة بالحوافز المالية والنقدية غير المقيدة.

في أقل تقدير، يتعين على الحكومات أن تتجنب التدابير المالية الرديئة التوجيه وغير ذلك من السياسات الشعبوية غير المفيدة، وأن تبذل قصارى جهدها للتغلب على اختناقات العرض، وأن تدعم البنوك المركزية في سعيها الحثيث لاستعادة استقرار الأسعار.

الواقع أن أي استجابة سياسية غير فـعـالة من شأنها أن تعرض للخطر أولئك الأشد تضرراً من زيادات أسعار الغذاء والطاقة: الاقتصادات الأكثر فقراً في العالم والأسر الأشد فقراً في كل بلد.

* أستاذ في جامعة كورنيل، وكبير زملاء مؤسسة بروكنجز

 

Email