«إعادة اختراع باريس»

ت + ت - الحجم الطبيعي

عملت شبكة الإنترنت على تسهيل قدر غير مسبوق من التفاعل بين المصممين والناس العاديين، الأمر الذي أفضى إلى تمكين الأفكار الإبداعية من الظهور والانتشار بسرعة أكبر من أي وقت مضى.

وربما يكون التفاعل بين العالمين الافتراضي والمادي الذي يستند إليه النجاح الذي حققه نهج الراحل جان لويس ميسيكا، الذي شغل منصب نائب عمدة باريس المسؤول عن الهندسة المعمارية والتخطيط الحضري، في عام 2014، الذي يركز على تسريع عملية الإبداع الحضري، أبرز الأمثلة في الصدد. عندما التقيت لأول مرة جان لويس ميسيكا، الذي كان آنذاك يشغل منصب نائب عمدة باريس المسؤول عن الهندسة المعمارية والتخطيط الحضري، في عام 2014، رحب بي بسؤال عاجل: كيف يمكننا تسريع عملية الإبداع الحضري؟ بعد سنوات، أصبحت الإجابات عن تساؤله واضحة.

كان مكتب ميسيكا في قصر بلدية باريس، المبنى الحكومي المهيب الذي كان موقعاً للعديد من الانتفاضات الشعبية. الواقع أن الصرح الحالي هو نسخة أعيد بناؤها من المبنى الذي احترق تماماً أثناء ثورة كومونة باريس عام 1871. يمثل قصر بلدية باريس التوتر بين العظمة المؤسسية والروح الثورية التي تكمن في قلب العاصمة الفرنسية.

كان ميسيكا مدركاً لهذا التوتر ــ ورفض الانحياز إلى أي من الجانبين. وعندما تولى منصبه كنائب لعمدة مدينة باريس، كان ميل ميسيكا إلى تجاوز الخط بين المؤسسات ومعارضيها لا يزال واضحاً. قال لي أثناء لقائنا، وفي عينه بريق وهو يقف وسط الأعمال الخشبية العتيقة في قصر بلدية باريس: «لم تعد باريس تبدع في فن الهندسة المعمارية والتخطيط الحضري. نحن نخسر الأرض لصالح لندن. إن المطورين العقاريين لدينا شديدي التحفظ؛ لقد استمروا في الخروج علينا بنماذج عتيقة. يتعين علينا أن نفعل شيئاً! يجب أن نتحرك!»

ثم وصف ميسيكا مبادرته المقترحة. أُطـلِـق على المشروع مسمى «إعادة اختراع باريس» ــ وهو عنوان مناسب، ليس فقط لأنه سعى إلى إعادة اختراع المدينة، بل وأيضاً لأنه كان مثابة إعادة اختراع لعملية التخطيط. وكان التوقيت مناسباً تماماً.

في البداية، خدمت في إحدى لجان التحكيم ــ التي اختارت مشروعاً يسمى «الألف شجرة»، والذي قدمه المهندس الياباني سو فوجيموتو. من المقرر أن يكون مبنى متعدد الأغراض، حيث يضم مساحة للسكن، والمكاتب، والمراكز الثقافية ــ فضلاً عن جسر يعبر الطريق الدائري الذي يشكل دائرة حول باريس..حتى يومنا هذا، لا يزال المشروع معطلاً، تعرقله الالتماسات والبيروقراطية الفرنسية.

مع ذلك، بعد طول انتظار، بدأت مبادرة إعادة اختراع باريس تؤتي ثمارها. فقد أصبحت مشاريع عدة اختيرت قبل خمس سنوات قيد الإنشاء الآن. ولعل المشروع المفضل لدي هو «Morland Mixité Capitale»، الذي سيحول مبنى شرطة باريس الجسيم الضخم إلى مجمع متعدد الاستخدامات يرتفع نحو السماء.

الآن، وصل مفهوم ميسيكا إلى المسرح الدولي. فقد أطلقت الشبكة العالمية لرؤساء المدن، C40 Cities، المكرسة للعمل المناخي والتي تشارك فيها هيدالجو، مبادرة إعادة اختراع المدن، والتي ربما تكون أكبر مسابقة دولية في التخطيط الحضري والإبداع على الإطلاق، وهي في جولتها الثالثة الآن.

بالفعل، اختارت مبادرة إعادة بناء المدن عشرات المشاريع لدعمها، من أوكلاند إلى كيب تاون ومن دبي إلى فانكوفر. بين هذه المشاريع «كرم العنب على الأسطح والممشى العام» بجوار المقر الرئيسي لمؤسسة برادا في ميلانو، والذي تقدمت به شركة التصميم والإبداع التي أمتلكها.

* مدير مختبر سينسبل سيتي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وهو المؤسس المشارك للمكتب الدولي للتصميم والإبداع «Carlo Ratti Associati»

Email